×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الأول

 فقوله ﴿فَإِذَا قَرَأۡتَ ٱلۡقُرۡءَانَ أي: أردت قراءته: ﴿فَٱسۡتَعِذۡ بِٱللَّهِ أي: الجأ إلى الله ﴿مِنَ ٱلشَّيۡطَٰنِ؛ لئلا يحول بينك وبين فهم القرآن، أو يلبس عليك الآيات، ويغلطك في القرآن.

وقوله ﴿مِنَ ٱلشَّيۡطَٰنِ هو إبليس، فهو رأس الشياطين، وكذلك شياطين الإنس والجن الذين هم جنوده وأتباعه، فاستعذ بالله من الشيطان وجنوده وأتباعه، ﴿ٱلرَّجِيمِ [النحل: 98]، أي: المرجوم الملعون المبعد عن رحمة الله سبحانه وتعالى.

ثم بيَّن سبحانه وتعالى حكمة الأمر بالاستعاذة، فقال ﴿إِنَّهُۥ لَيۡسَ لَهُۥ سُلۡطَٰنٌ [النحل: 99]، أي: ليس له سلطة وولاية - وهذا كقوله تعالى: ﴿إِنَّ عِبَادِي لَيۡسَ لَكَ عَلَيۡهِمۡ سُلۡطَٰنٌ [الحجر: 42]، ﴿عَلَى ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ [النحل: 99] بربهم سبحانه وتعالى، واستعانوا به، ولجؤوا إليه، واعتصموا به، ﴿وَعَلَىٰ رَبِّهِمۡ يَتَوَكَّلُونَ، يفوضون أمورهم إلى الله سبحانه وتعالى، ويعتمدون عليه دون غيره؛ لأنه الوكيل سبحانه وتعالى، الموكول إليه كل شيء، القادر على كل شيء. والتوكل على الله من أعظم أنواع العبادة لله عز وجل، قال تعالى: ﴿فَٱعۡبُدۡهُ وَتَوَكَّلۡ عَلَيۡهِۚ [هود: 123].

قال تعالى: ﴿إِنَّمَا سُلۡطَٰنُهُۥ أي: سلطان الشيطان وتسلطه، ﴿عَلَى ٱلَّذِينَ يَتَوَلَّوۡنَهُۥ [النحل: 100] أي: يتخذونه وليًّا من دون الله عز وجل، كما قال تعالى: ﴿ٱللَّهُ وَلِيُّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ يُخۡرِجُهُم مِّنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِۖ وَٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ أَوۡلِيَآؤُهُمُ ٱلطَّٰغُوتُ يُخۡرِجُونَهُم مِّنَ ٱلنُّورِ إِلَى ٱلظُّلُمَٰتِۗ [البقرة: 257]، فالإنسان لا يخلوا إما أن يكون من أولياء الله، وإما أن يكون من أولياء الشيطان. ﴿إِنَّمَا سُلۡطَٰنُهُۥ عَلَى ٱلَّذِينَ يَتَوَلَّوۡنَهُۥ يطيعونه وينقادون له، فهم الذين سببوا على أنفسهم تولي الشيطان عليهم ﴿وَٱلَّذِينَ هُم بِهِۦ


الشرح