×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الأول

 أي: بالشيطان ﴿مُشۡرِكُونَ [النحل: 100] في الطاعة، فيطيعونه في معصية الله سبحانه وتعالى، وينقادون له ويتركون طاعة الله عز وجل، هؤلاء هم الذين هم الذين يسيطر عليهم الشيطان، ويستولي عليهم، ويستحوذ عليهم، وهم السبب في ذلك، وإلا لو استعاذوا بالله من الشيطان استعاذة حقيقية لا باللفظ فقط لما صار له عليهم سلطان، فدلت الآية على أن ولاية الله لها سبب، وولاية الشيطان لها سبب من قبل العبد.

قوله تعالى: ﴿وَمَن يَعۡشُ عَن ذِكۡرِ ٱلرَّحۡمَٰنِ نُقَيِّضۡ لَهُۥ شَيۡطَٰنٗا فَهُوَ لَهُۥ قَرِينٞ ٣٦وَإِنَّهُمۡ لَيَصُدُّونَهُمۡ عَنِ ٱلسَّبِيلِ وَيَحۡسَبُونَ أَنَّهُم مُّهۡتَدُونَ ٣٧ [الزخرف: 36- 37] هذا أيضًا من أسباب تولي الشيطان على ابن آدم، وتسلطه عليه: أنه يعشى عن ذكر الرحمن، والعشى: هو ضعف البصر، أي: يعرض عنه، ويغمض عينيه عنه استكبارًا عنه، وعدم اهتمام به، ومن أعرض عن القرآن فإن الله يعاقبه: ﴿نُقَيِّضۡ لَهُۥ شَيۡطَٰنٗا هذه هي العقوبة ﴿فَهُوَ لَهُۥ قَرِينٞ يقارنه الشيطان ويلازمه لا ينفك عنه؛ بسبب أنه عشي عن ذكر الله عز وجل؛ عن قراءة القرآن، وعن ذكر الله بالتسبيح والتكبير والتهليل، والذكر يشمل كل ذلك، لكن أعظم الذكر هو القرآن.

ثم قال جل وعلا: ﴿وَإِنَّهُمۡ أي: الشياطين ﴿لَيَصُدُّونَهُمۡ أي: ليصدون أتباعهم من بني آدم، ﴿عَنِ ٱلسَّبِيلِ أي: عن الطريق الصحيح صراط الله المستقيم، ويعمون بصائرهم عنه، ويذهبون بهم إلى طرق الهلاك، فيخرجونهم من النور إلى الظلمات، ﴿وَيَحۡسَبُونَ أَنَّهُم مُّهۡتَدُونَ هذا هو المشكل؛ لأنهم لو عصوا الله وهم يعلمون أنهم على معصية ومخالفة لرُجي أنهم يرجعون ويتوبون، ولكن يطبع الله على قلوبهم، فيحسبون أن الضلالة هدى، والعمى بصيرة، وأن ما هم عليه هو الحق، 


الشرح