وَقَدْ نَعَتَهُ اللهُ «بالْعُبُودِيَّةِ» فِي
أَكْمَلِ أَحْوَالِهِ فَقَالَ فِي الإِْسْرَاءِ: ﴿سُبۡحَٰنَ
ٱلَّذِيٓ أَسۡرَىٰ بِعَبۡدِهِۦ لَيۡلٗا﴾ [الإسراء: 1].
****
إلى منزلةِ الألوهية، وقال: «لاَ تُطْرُونِي..» والإطراء: هو
الزيادةُ في المَدح.
قوله
صلى الله عليه وسلم: «كَمَا
أَطْرَتِ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ»: حيثُ غَلَتْ في مدحِه.
ثم
قال صلى الله عليه وسلم: «فَإَنَّمَا أَنَا عَبْدُهُ»، لا يخرُجُ عن العبودية، وكَفَاه بذلك
شرفًا أن يكونَ عبدًا لله.
قوله
صلى الله عليه وسلم: «فَقُولُوا
عَبْدُ اللهِ»: هذا فيه ردٌّ على الغُلاةِ الذين يرفعونه فوقَ منزلةِ
العبودية، «وَرَسُولُهُ» هذا ردٌّ على
الجُفاةِ الذين يُنكِرون رسالةَ محمد صلى الله عليه وسلم.
فالواجِبُ
على المسلمِ أن يقول: محمدٌ عبدُ الله ورسولُه، وكفاه بذلك شَرفًا وفخرًا، أما
مسألةُ الألوهيةِ والعبادةِ فإنَّما هي للهِ سبحانه وتعالى، لا حَقَّ فيها لأحد،
لا لمَلَكٍ مُقرَّبٍ ولا لنبيٍّ مُرسَل.
قوله:
«وَقَدْ نَعَتَهُ»: أي: وصَفَه، الله «بالْعُبُودِيَّةِ»: أي: وصَفَ اللهُ
رسولَه صلى الله عليه وسلم بأنَّه عبدٌ وليس إلهًا «فِي أَكْمَلِ أَحْوَالِهِ» في مقامِ الإسراء، قال: ﴿سُبۡحَٰنَ ٱلَّذِيٓ
أَسۡرَىٰ بِعَبۡدِهِۦ لَيۡلٗا﴾
[الإسراء: 1]، في مقامِ الوحي والتنزيل، قال: ﴿تَبَارَكَ ٱلَّذِي نَزَّلَ ٱلۡفُرۡقَانَ عَلَىٰ عَبۡدِهِۦ
لِيَكُونَ لِلۡعَٰلَمِينَ نَذِيرًا﴾
[الفرقان: 1]، ﴿وَإِن
كُنتُمۡ فِي رَيۡبٖ مِّمَّا نَزَّلۡنَا عَلَىٰ عَبۡدِنَا﴾
[البقرة: 23]، فهذه أشرفُ المقامات، ومع هذا لم يخرجْ فيها صلى الله عليه وسلم عن
حدِّ العبوديةِ للهِ عز وجل.