وَقَالَ فِي الإِْيحَاءِ: ﴿فَأَوۡحَىٰٓ
إِلَىٰ عَبۡدِهِۦ مَآ أَوۡحَىٰ﴾ [النجم: 10]. وَقَالَ فِي الدَّعْوَةِ: ﴿وَأَنَّهُۥ
لَمَّا قَامَ عَبۡدُ ٱللَّهِ يَدۡعُوهُ كَادُواْ يَكُونُونَ عَلَيۡهِ لِبَدٗا﴾ [الجن: 19]. وَقَالَ
فِي التَّحَدِّي: ﴿وَإِن كُنتُمۡ فِي رَيۡبٖ
مِّمَّا نَزَّلۡنَا عَلَىٰ عَبۡدِنَا فَأۡتُواْ بِسُورَةٖ مِّن مِّثۡلِهِۦ﴾ [البقرة: 23].
****
قولُه: «وَقَال تَعَالى: ﴿سُبۡحَٰنَ ٱلَّذِيٓ أَسۡرَىٰ بِعَبۡدِهِۦ لَيۡلٗا﴾»:
أسرَى اللهُ بعبدِه محمدٍ صلى الله عليه وسلم، نقلَه من المسجدِ الحرامِ إلى
المسجدِ الأقْصَى على البُراقِ في ليلةٍ واحدة، ثم عُرِجَ به أي رَفعَه إلى
السماء، ثم نَزلَ إلى بيتِ المَقْدس، ثم عادَ إلى مكةَ في ليلةٍ واحدة، بقدرةِ
اللهِ سُبحانه وتَعالى، فأيُّ شَرفٍ أعظمُ من هذا؟ ومع هذا لم يَخرُجْ صلى الله
عليه وسلم عن وصفِه العبوديةَ لله.
قوله:
«وَقَال تَعَالى: ﴿فَأَوۡحَىٰٓ﴾»:
أي: جبريل، ﴿إِلَىٰ عَبۡدِهِۦ﴾:
أي: إلى عبد الله محمد صلى الله عليه وسلم ﴿مَآ
أَوۡحَىٰ﴾، وذلك ليلة المعراج، ففي
مقام الوحي الذي هو أشرف المقامات، وصف الله رسوله بالعبودية.
قوله:
«وَقَالَ فِي الدَّعْوَةِ»: أي: الدعاء
للهِ سبحانه: ﴿وَأَنَّهُۥ لَمَّا
قَامَ عَبۡدُ ٱللَّهِ يَدۡعُوهُ كَادُواْ يَكُونُونَ عَلَيۡهِ لِبَدٗا﴾ أي: لما قام يدعُو اللهَ ويُصلِّي صاروا يتعَجَّبون من
ذلك؛ لأنَّهم لم يعتادوا عليه، لأنَّهم كانوا يدعُون الأصنامَ والأوثانَ والأحجارَ
والأشجار.
«وَقَالَ فِي التَّحَدِّي»:
أي: في مقامِ تعجيزِ الجِنِّ والإنسِ أن يأتوا بمثلِ هذا القرآن، لأنَّهم كانوا
يقولون: إنَّ القرآنَ من كلامِ محمدٍ افتراه وأعانَه عليه قومٌ آخرون، وليس كلامَ
الله، فقال اللهُ جل وعلا ما دمتم تقولون: إن هذا القرآنَ هو كلامُ محمد، وهو بشرٌ
مثلُكم؛ فأنا أتحدَّاكم