×
شرح كتاب العبودية

وَأَمَّا الحسْب وَهُوَ الْكاَفِي فَهُوَ اللهُ وَحْدَهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ٱلَّذِينَ قَالَ لَهُمُ ٱلنَّاسُ إِنَّ ٱلنَّاسَ قَدۡ جَمَعُواْ لَكُمۡ فَٱخۡشَوۡهُمۡ فَزَادَهُمۡ إِيمَٰنٗا وَقَالُواْ حَسۡبُنَا ٱللَّهُ وَنِعۡمَ ٱلۡوَكِيلُ [آل عمران: 173]،

****

 ونتبرأُ من عبادةِ ما سِواه، وهذا فيه المفارَقةُ بينَ المسلمين والمشركين.

قوله: «وَقَال تَعَالى: ﴿وَلَوۡ أَنَّهُمۡ رَضُواْ مَآ ءَاتَىٰهُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥ وَقَالُواْ حَسۡبُنَا ٱللَّهُ سَيُؤۡتِينَا ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦ وَرَسُولُهُۥٓ إِنَّآ إِلَى ٱللَّهِ رَٰغِبُونَ»: هذه الآيةُ فيها ما هو مشتركٌ بين اللهِ ورسولِه، وفيها ما هو خاصٌّ باللهِ دونَ غيرِه، فقولُه: ﴿وَلَوۡ أَنَّهُمۡ رَضُواْ مَآ ءَاتَىٰهُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥ فالإيتاء مشترك، ﴿وَقَالُواْ حَسۡبُنَا ٱللَّهُ الحسب وهو الكافي خاص بالله؛ ولهذا لم يقُلْ: حسبُنا اللهُ ورسولُه.

﴿سَيُؤۡتِينَا ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦ وَرَسُولُهُۥٓ: الإيتاءُ مشترَك، ﴿إِنَّآ إِلَى ٱللَّهِ رَٰغِبُونَ الرغبُ خاصٌّ باللهِ لأنه نوعٌ من أنواعِ العبادةِ فلا يدخُلُ فيه الرسولُ صلى الله عليه وسلم، لم يقُل: إنَّا إلى اللهِ ورسولِه راغبون، فذَكَر سبحانه في هذه الآيةِ الأشياءَ المُشتركةَ بينَ اللهِ والرسولِ والأشياءَ الخاصَّةَ باللهِ عز وجل وحدَه.

فَالِإيتَاءُ للهِ وَالرَّسُولِ كَقَوْلِهِ: ﴿وَمَآ ءَاتَىٰكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَىٰكُمۡ عَنۡهُ فَٱنتَهُواْۚ [الحشر: 7].

ولهذا قال: «وَأمَّا الحسب وَهُوَ الْكَافِي فَهُوَ الله وَحْدَهُ»؛ لذا قالوا: حسبُنا الله، ولم يقولوا: حسبُنا اللهُ ورسولُه.

«وَقَال تَعَالى: ﴿ٱلَّذِينَ قَالَ لَهُمُ ٱلنَّاسُ إِنَّ ٱلنَّاسَ قَدۡ جَمَعُواْ لَكُمۡ فَٱخۡشَوۡهُمۡ فَزَادَهُمۡ إِيمَٰنٗا وَقَالُواْ حَسۡبُنَا ٱللَّهُ وَنِعۡمَ ٱلۡوَكِيلُ »: بعدَ وقعةِ أُحُد، لمَّا


الشرح