وَإِلَى هَذَا أَشَارَ الشَّيْخُ «عبد الْقَادِر»
رَحمَه الله فِيمَا ذكِرَ عَنهُ فبيَّن أَن كثيرًا من الرِّجَال «إِذا وصَلوا
إِلَى الْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ أَمْسكُوا
****
قوله: «وإلى هذا أشارَ الشيخُ «عبدُ القادر» الشيخُ عبدُ القادرِ الجِيلاني
رحمَه الله، من علماءِ الحنابلةِ ومن أئمتِهم، وهو عابدٌ من العُبَّاد، وله كتابٌ
في المَذهبِ الحَنْبلي اسمه «الغُنية»
مطبوعٌ مشهور، وقد غَلاَ فيه الصُّوفيةُ والقُبُورية وادَّعوا له أنه ينفعُ
ويَضُرُّ كسائرِ الأولياءِ والصَّالحين، وجعلوا له طريقةً يُسمُّونَها «القادرية»: وهي طريقةٌ صُوفيةٌ نَسبُوها
إليه، وهو بريءٌ منها، لأنَّه على المنهجِ السَّليم، والمنهجِ المستقيم، لكن غَلاَ
في صَلاَحِه وعِلمِه كثيرٌ من الصُّوفية، وجعلُوه شيخَ طريقة، وهو بريءٌ من ذلك.
قوله:
«فبيَّن أنَّ كثيرًا من الرجالِ إذا
وصَلُوا إلى القَضَاءِ والقَدَرِ أمسكوا»: يعني: أمْسَكُوا واستَسْلَموا إلى
القضاءِ والقَدَرِ في المعاصي، ويقولُ أحدُهم: قدَّر اللهُ عليَّ المعصيةَ
والذُّنوب، وأنا معذُورٌ في ذلك، وهذا غلَط، فلا يجوزُ أنْ يقِفَ عند القدَرِ بهذا
المعني، بل يفعلُ ما أمرَه اللهُ به من طاعتِه، لأنَّه يقدِرُ على هذا، فلدَيه
اختيارٌ وقدرةٌ وإمكانيات، يستطيعُ أن يُصلِّي، ويَستطيعُ أن يصوم، ويَستطيعُ أن
يَحُج، ويَستطيعُ أن يتصَدَّقَ ويُجاهِدَ في سبيلِ الله، فعندَه قدرةٌ لم يَستعملْها
استسلامًا للقَدَر.
والإيمانُ
بالقضاءِ والقَدَرِ واجِب، وهو ركنٌ من أركانِ الإيمان، ولكن ليس معناه أنْ
يعتمِدَ الإنسانُ على القضاءِ والقدَرِ ويتركَ العمل؛ بل يفعلُ ما شرَعَه اللهُ
له، وأَقْدَرَه عليه.