وَالَّذِي ذكرَه الشَّيْخُ رحمه الله هُوَ الَّذِي
أَمرَ اللهُ بِهِ وَرَسُولُه؛ وَلَكِنَّ كثيرًا من الرِّجَالِ غَلطوا، فَإِنَّهُم
قد يَشْهدُونَ مَا يُقدَّرُ على أحدِهم من الْمعاصِي والذنُوب؛ أَو مَا يُقدَّرُ
على النَّاسِ من ذَلِك، بل من الْكُفْر؛ وَيشْهدُونَ أَن هَذَا جَارٍ بِمَشِيئَةِ
اللهِ وقضائِه وَقدَرِه دَاخل فِي حُكمِ ربوبيتِه وَمُقْتَضَى مَشِيئَتِه
****
ومنهم
من يقول: إنَّ من أطاعَ القدَرَ فهو مُوحِّدٌ مؤمنٌ إنْ عَصَى أمرَه فقدْ أطاعَ
قدَرَه وهؤلاء هم الجبريةُ نَفَوا الشريعةَ وأثْبتُوا القدَرَ وغَلوا في إثباتِ
المشيئةِ لله، تُقابلُهم فرقةُ المُعتَزِلةِ القدَرَية الذين نفَوا القَدَر،
وأثبتوا الشَّريعة، وقالوا: إنَّ العبدَ يخلُقُ فِعلَ نفسِه ولم يُقدَّرْ عليه
فِعلُه فهم غَلوا في إثباتِ مشيئةِ العبدِ واختيارِه.
وأهلُ
الحَقِّ يَجمعونَ بينَ الأمرين بينَ الإيمانِ بالقضاءِ والقدَرِ وبينَ قُدرةِ
العبدِ على فِعلِ الأوامرِ والنَّواهي ولا تَنَافي في ذلك، فإنَّ اللهَ أعطاهم قدرةً
وأعطَاهم اختيارًا وأعطاهم مشيئةً ومكَّنَهم من فِعلِ الطاعةِ واجتِنابِ
المَعْصية، وقدَّرَ المقاديرَ ويسَّرَ كُلًّا لِمَا خُلِقَ له.
قوله: «والذي ذكَرَه الشيخ»: يعني الشيخَ عبدَ القادرِ وهو الذي أمَرَ اللهُ
به ورسولُه وهو الإيمانُ بالشَّرعِ والقَدَر، وأنَّه لا تَنَافِي بينَهما.
وقوله:
«فإنَّهم قد يَشهدون ما يُقدَّر على أحدِهم
من المَعَاصي والذنوب؛ أو ما يُقدَّرُ على الناسِ من ذلك، بل من الكُفر؛ ويشهدونَ
أنَّ هذا جارٍ بمشيئةِ اللهِ وقضائِه وقدَرِه، داخلٌ في حُكمِ رُبوبيتِه ومُقتَضَى
مشيئتِه»: فيحْتَجُّون بالقدَرِ على المعاصي والكُفرِ ويقولون هذا