×
شرح كتاب العبودية

فيَظنون الاستسلامَ لذَلِك وموافقتَه وَالرِّضَا بِهِ، وَنَحْو ذَلِك دِينًا وطَريقًا وَعِبادَة؛

****

هو التوحيدُ والإيمانُ وهذا قولُ المشركين الذين قال اللهُ تعالى عنهم: ﴿سَيَقُولُ ٱلَّذِينَ أَشۡرَكُواْ لَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ مَآ أَشۡرَكۡنَا وَلَآ ءَابَآؤُنَا وَلَا حَرَّمۡنَا مِن شَيۡءٖۚ [الأنعام: 148]، احتَجُّوا بالقضاءِ والقدَرِ على الكُفرِ والمعاصي وعذَرُوا أنفسَهم في ذلك، والإيمان بالقضاء والقدر حقًا وأن كل شيء بقضائه وقدره فهذا حق، ولكن كونُهم يقفون عندَ هذا ويُنكِرون الشَّريعةَ ويقولون: لا حاجةَ إلى الأمرِ والنهي والطاعةِ والعبادةِ فهذا هو الغَلَطُ والكُفر؛ لأنَّ اللهَ نَهى عن الكُفرِ والشِّركِ والمَعَاصي وعاقَبَ عليها فهو لا يرضَاها.

وقوله: «فيظُنُّون الاستسلامَ لذلك وموافقتَه والرِّضا به، ونحو ذلك دينًا وطريقًا وعبادةً»: أي: يَظنُّون الرِّضَا بالمَعْصِية، والرِّضَا بالكُفر، هو الدِّين؛ لأنَّ ذلك قضاءٌ وقدَرٌ من الله، فهُم بزعمِهم أنَّهم أطاعُوا اللهَ فيمَا قضَى وقدَّرَ وهذا هو عينُ قولِ المشركين الذين أخْبَرَ اللهُ عنهم في سورةِ الأنعامِ أنَّهم: ﴿سَيَقُولُ ٱلَّذِينَ أَشۡرَكُواْ لَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ مَآ أَشۡرَكۡنَا وَلَآ ءَابَآؤُنَا وَلَا حَرَّمۡنَا مِن شَيۡءٖۚ [الأنعام: 148]: فاحتَجُّوا بالقضاءِ والقَدَرِ وهو ليس حُجَّةً لهم؛ لأنَّهم تركُوا ما أُمِرُوا به وما يَقدِرُون عليه واسْتَسْلموا للقضاءِ والقَدَرِ مع أنَّهم مُتمكِّنون من العِبادةِ ومن الطَّاعة، فكمَا قدَّرَ اللهُ المعاصي والكُفرَ فقد أمَرَ بالطاعةِ والعِبادة، فلماذا تتركُ أمرَه وتَعْصيه، وتركَنُ إلى قدَرِه؟ فالاحْتِجاجُ بالقَدَرِ إنَّما يكونُ على المصائبِ التي لا حيلةَ للعبدِ في دفعِها، أمَّا المعايبُ والذنوبُ


الشرح