قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿مَآ
أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِۗ وَمَن يُؤۡمِنۢ بِٱللَّهِ يَهۡدِ
قَلۡبَهُۥۚ﴾ [التغابن: 11]. قَالَ بعض السّلف: هُوَ الرجل
تصيبه الْمُصِيبَة فَيعلم أَنَّهَا من عِنْد الله فيرضى وَيسلم، وَقَالَ تَعَالَى:
﴿مَآ
أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٖ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَا فِيٓ أَنفُسِكُمۡ إِلَّا فِي كِتَٰبٖ مِّن
قَبۡلِ أَن نَّبۡرَأَهَآۚ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٞ ٢٢ لِّكَيۡلَا تَأۡسَوۡاْ
عَلَىٰ مَا فَاتَكُمۡ وَلَا تَفۡرَحُواْ بِمَآ ءَاتَىٰكُمۡۗ وَٱللَّهُ لَا يُحِبُّ
كُلَّ مُخۡتَالٖ فَخُورٍ ٢٣﴾ [الحديد: 22- 23].
****
كَثِيرٖ﴾ [الشورى: 30]، فيُحتَجُّ بالقضاءِ والقَدَرِ على
المصائبِ التي لا حيلةَ له فيها، أمَّا الذنوبُ والمعاصي فلا يُحتَجُّ عليها بالقضاءِ
والقَدَر، هذه قاعدةٌ عظيمةٌ في هذه المَسْألة. فقد احْتجَّ إبليسُ بالقدَر فقال: ﴿رَبِّ بِمَآ
أَغۡوَيۡتَنِي﴾ [الحجر: 39]، فنسَبَ
الإغواءَ إلى اللهِ ولم يقُل: غَويت ولذلك فآدمُ لمْ يحْتَج بالقضاءِ والقدَرِ على
أكلِه من الشجرةِ ومعصيتِه لله، بل اعترفَ بذنبِه وتابَ إلى الله: ﴿قَالَا
رَبَّنَا ظَلَمۡنَآ أَنفُسَنَا وَإِن لَّمۡ تَغۡفِرۡ لَنَا وَتَرۡحَمۡنَا
لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ﴾
[الأعراف: 23].
فالمؤمنُ
لا يَحتَجُّ بالقضاءِ والقدَرِ على المعصيةِ ويعتذِرُ لنفسِه؛ بل يتوبُ إلى اللهِ
ويستغفِرُ ويندَم، هذا هو الفرْقُ بينَ إبليسَ وآدم، فآدمُ تابَ اللهُ عليه وغفَرَ
اللهُ له، وأمَّا إبليسُ فاحتَجَّ بالقَدَرِ ولم يتُبْ فلَعَنه وطَرَده.
الدليلُ
على الاحتجاجِ بالقَدَرِ على المصَائب:
«وقال تعالى: ﴿مَآ أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِۗ﴾ [التغابن:
11] ». أي: بقضائِه وقدَرِه ﴿وَمَن يُؤۡمِنۢ بِٱللَّهِ يَهۡدِ قَلۡبَهُۥۚ﴾ أي: مَن يؤمنُ باللهِ ويعلمُ أنَّ هذا قضاءٌ وقدَرٌ ولا
يجزَعُ ولا يتسَخَّط، كما قال بعضُ السَّلف: «هو
الرجلُ تُصيبُه المصيبةُ فيعلَمُ أنَّها من عندِ اللهِ فيرضَى