قَالَ تَعَالَى: ﴿فَٱصۡبِرۡ
إِنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٞ وَٱسۡتَغۡفِرۡ لِذَنۢبِكَ﴾ [غافر: 55].
وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَإِن تَصۡبِرُواْ
وَتَتَّقُواْ لَا يَضُرُّكُمۡ كَيۡدُهُمۡ شَيًۡٔاۗ﴾ [آل عمران: 120]
وقال: ﴿وَإِن تَصۡبِرُواْ وَتَتَّقُواْ
فَإِنَّ ذَٰلِكَ مِنۡ عَزۡمِ ٱلۡأُمُورِ﴾ [آل عمران: 186].
****
قوله:
«﴿فَٱصۡبِرۡ إِنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٞ وَٱسۡتَغۡفِرۡ
لِذَنۢبِكَ﴾
[غافر: 55] »: ليسَ
للعبدِ أن يُذنبَ ابتداءً بل يَتجنَّبُ الذَّنْب، ولكن لو غَلَبه الشيطانُ ونفسُه
الأَمَّارةُ بالسوءِ وأذنبَ فهذا يقَعُ من بني آدم، حتَّى من الصَّالحين منهم،
فليسَ هناك أحدٌ مَعْصوم، ولكنَّ المؤمنَ يتوبُ إلى الله، ولا يقِفُ عند القضاءِ
والقَدَر، كما حصَلَ من إبليس، وكما حصَلَ من المشركين.
قوله:
«فيتوب من المَعَائِب» المعائب هي
الذُّنوب، فيَتوبُ منها ولا يَحتجُّ بالقضاءِ والقَدَر، «ويصبر على المصائب» المصائبِ التي تُصِيبُه، فيَحتَجُّ على المصائبِ
بالقضاءِ والقدَر، ففَرْقٌ بينَ الأمرين، ما كان لك حيلةٌ في دفْعِه ومُمَانعتِه
فلا تَحْتج بالقضاءِ والقدَر.
قوله:
«قال تعالى: ﴿فَٱصۡبِرۡ إِنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٞ وَٱسۡتَغۡفِرۡ
لِذَنۢبِكَ﴾
[غافر: 55] »: تصبِرُ
على مَشَقَّةِ الطاعةِ وعلى ألمِ المُصيبة، وتستغفرُ لذنبِك إذا وقَع مِنك ذَنب،
ولا تقُل: هذا قضاءٌ وقدَر، فهناك فرْقٌ بين الصبرِ والاستغفار، إذ الصَّبْرُ
يكونُ على ما لا حِيلةَ لك فيه، وأمَّا الاستغفارُ فإنَّه يكونُ عمَّا وقَعَ منك،
ولكَ حيلةٌ في تَرْكِه.
قوله: «وقال تعالى ﴿وَإِن تَصۡبِرُواْ وَتَتَّقُواْ﴾ »تأمَّلْ كيفَ جمعَ بينَ الأمرين: أن تصبِروا على القَضاءِ والقَدَر، وتتَّقوا اللهَ بفِعلِ أوامرِه وتركِ نواهيه.