بِحَسب قدرتِه ويُجاهِدُ فِي سَبِيلِ اللهِ
الْكفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ ويُوالي أَوْلِيَاءَ اللهِ ويُعَادي أَعدَاءَ الله،
****
تَعَارُضَ بينَ الشريعةِ وبينَ القضاءِ
والقَدَر، كما تقولُه الجبريةُ وأهلُ الضَّلال، ولمَاذا شرعَ اللهُ الجهادَ
للكُفار، ولا يقالُ: الكفارُ معذورون! لأنَّ الكفرَ مُقدَّرٌ عليهم فكيفَ
نُجاهِدُهم!، فدَلَّ على أنَّ القَضاءَ والقدَرَ ليسَ فيه حُجَّةٌ على الكُفر،
لأنَّهم باستطاعتِهم أنْ يتركوا الكُفرَ ويَدخُلوا في الإيمان، ولكنَّهم لم يفعلوا
ذلك..
قوله: «بحسبِ قدرتِه»؛ لقولِه صلى الله عليه وسلم: «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا
فَلْيُغَيِّرُهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِه فَإِنْ لَمْ
يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِْيمَان» ([1]):
فكَونُ اللهِ شرَعَ الأمرَ بالمعروفِ والنهيَ عن المُنكَرِ بحسْبِ الاستطاعةِ
دليلٌ على أنَّه لا حُجَّةَ بالقضاءِ والقدَر؛ إذ لو كان حُجَّةً ما احْتِيجَ إلى
الأمرِ بالمعروفِ والنهي عن المُنكَر. ولمَّا كان لذلك فائدة.
قولُه:
«ويجاهدُ في سبيلِ اللهِ الكفارَ
والمنافقين»: الجِهادُ في سبيلِ اللهِ يكونُ بالسلاحِ وباللسان، فيُجاهَدُ
الكُفارُ بالسِّلاح، ويُجاهَدُ المُنافقون باللِّسَان. ولا يُقالُ هذا مُقدَّرٌ
عليهم فلا يُجاهَدُون كما لا يقال: إنَّ الإيمانَ مُقدَّرٌ على المؤمنين فلا
يَستَحِقُّون المَحبَّةَ والثناءَ والأجرَ على ذلك.
قولُه: «ويُوالي أولياءَ الله» المطيعين، «ويُعادِي أعداءَ الله» العاصين، ولو كان القضاءُ والقَدَر حُجَّةً للكفارِ لمَا عادَيْنَاهم على شيءٍ
([1]) أخرجه: مسلم رقم (49).