كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا
ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمۡ أَوۡلِيَآءَ
تُلۡقُونَ إِلَيۡهِم بِٱلۡمَوَدَّةِ﴾ [الممتحنة: 1] إلى قوله: ﴿قَدۡ
كَانَتۡ لَكُمۡ أُسۡوَةٌ حَسَنَةٞ فِيٓ إِبۡرَٰهِيمَ وَٱلَّذِينَ مَعَهُۥٓ﴾ [الممتحنة: 4]
****
يُوحِّدوا اللهَ بالعبادةِ عبَدوا الأصنامَ
والأحجارَ والأشجار، بل عبدُوا الفُروجَ والبَقر؛ لأنَّهم لا يُمكنُ لهم الخروجُ
عن العُبوديةِ فيتلمَّسُون شيئًا يعبدُونه: حقًّا كان أو باطلاً، فالإنسانُ عبْد،
خلَقَه اللهُ عبدًا، فهو إمَّا أن يكونَ عبدًا لله، وإمَّا أن يكونَ عبدًا لغيرِه.
يقولُ
ابنُ القيِّم:
هرَبُوا من الرِّقِّ الذي خَلقوا له **** فبدلوا برِقِّ
النَّفسِ والشَّيْطان
قولُه:
«كما قال تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ
ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمۡ أَوۡلِيَآءَ تُلۡقُونَ
إِلَيۡهِم بِٱلۡمَوَدَّةِ﴾ [الممتحنة: 1]
»: الآيةُ من سورةِ المُمْتحنة، وهي من أوَّلِها إلى
آخِرِها في الولاءِ والبَراء، وهؤلاء يُريدون أنْ يُلْغُوا هذا الباب، بل يُريدُون
أن يَطمِسُوا ما في القرآنِ من آياتِ الوَلاءِ والبَراء، ويُزيلُوا الفوارقَ بينَ
المسلمين والكفار، ولكن يأبَى اللهُ إلا أنْ يُتِمَّ نورَه ولو كرِه المشركون،
والقرآنُ يفضحُهم ليلاً ونهارًا، ولا يَستطيعون أن يُغيِّروا كلمةً منه؛ لأنَّ
اللهَ حفِظَه، ولو اسْتَطَاعوا لَطَمسُوا القرآنَ كلَّه، ولكن لمْ ولنْ يَستَطيعوا
ذلك، فهو يُنادِي بفضيحتِهم وشَرِّهم ويُحذِّرُ منهم إلى أنْ تقومَ السَّاعة، قال
تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا
ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ﴾ هذا نداءٌ
للمؤمنين، لأنَّهم أهلُ الامْتثال ﴿لَا تَتَّخِذُواْ عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمۡ أَوۡلِيَآءَ
تُلۡقُونَ إِلَيۡهِم بِٱلۡمَوَدَّةِ﴾
أي: لا تُوالُوا الكفارِ بالمَحبةِ والنُّصْرةِ والمدحِ والثناءِ وغيرِ ذلك من
أنواعِ المُجَاملةِ والتَّملُّق، ﴿تُلۡقُونَ إِلَيۡهِم