وَمن عِبَادَته وطاعَته: الأَمرُ بِالمَعْرُوفِ
وَالنَّهْي عَن المُنكر -بِحَسب الإِمْكَان- وَالجهَاد فِي سَبيله لأهْلِ الكُفْر
والنِّفاقِ.
****
«وَأنَّه لاَ يُحبُّ الفَسادَ، وَلا
يَرضَى لِعبادِه الكُفرَ»، وَالحلُوليَّة وَالاتِّحادِيَّة
يَقولُون: مَا دامَ أنَّه قَدَّر الفَسادَ والمَعَاصِي فَهوَ يَرضَاها وَيحِبُّها،
تَعالَى اللهُ عَن ذَلكَ عُلوًّا كَبيرًا، وَذلكَ نَتيجَةً لاحْتجَاجِهم بِالقدَر
عَلى جَوازِ أفْعَالِهم.
قولُه:
«وَأنَّ عَلَى الخَلق أَن يَعبُدوه
فَيطِيعُوا أَمرَه، وَيستَعينُوا بِه عَلى ذَلكَ، كَما قالَ: ﴿إِيَّاكَ نَعۡبُدُ
وَإِيَّاكَ نَسۡتَعِينُ﴾ [الفاتحة: 5]
»، فِي أوَّلِ سُورةٍ فِي المُصحفِ، فَجمَعَ بَينَ
العِبادَةِ وَالاستِعَانةِ بِاللهِ عز وجل، فَأهلُ الإيمَانِ يَقولُون: ﴿إِيَّاكَ نَعۡبُدُ﴾
أي: لاَ نَعبُد سِواكَ، وَ﴿وَإِيَّاكَ
نَسۡتَعِينُ﴾ أي: لا نَستَعينُ إلا بِكَ،
فَهمْ جَمعُوا بَين الإيمَان بِتوحِيد الرُّبوبِيَّة وَتوحِيد الأُلوهِيَّة
بِخلافِ هَؤلاءِ، فَإنَّهم إِنَّما اقْتصَروا عَلى توْحيدِ الرُّبوبِيَّة.
لا
يَكفِي مِن المُؤمِن أَنَّه يَستقِيم فِي نَفسِه، وَلا يَأمُر بالمَعروفِ وَينهَى
عَن المُنكَر وَلا يُجاهِد فِي سَبيل اللهِ، بَل لاَ بُدَّ مِن ذَلكَ، فَلا يُترَك
النَّاس مِن دُون أَمرٍ ونَهيٍ، ومِن دُونِ جِهادٍ فِي سَبيل اللهِ.
لا أَحَد مِنهُم يَقولُ: لَيسَ عَليَّ إلا مِن نَفسِي، وَليس عَليَّ مِن النَّاس؛ فَقدْ أوْجبَ اللهُ عَلى المُؤمنِينَ الدَّعوَة إِلى اللهِ، وَأوجَب عَليهِم النَّصِيحَة، وَكذا الأَمرُ بِالمَعروفِ والنَّهي عَن المُنكَر بِحسَبِ اسْتِطَاعَتهِم، وَأوْجَب عَليهِم الجِهَاد فِي سَبيل اللهِ بِحَسبِ اسْتطَاعَتهم؛ لإعْلاَءِ كَلمةِ اللهِ ونَشرِ دِينه، لِقولِه صلى الله عليه وسلم: «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ