فيَجْتهدُون فِي إِقَامَة دينهِ مُستعِينين بِهِ،
رَافعين مُزيلين بِذلكَ مَا قُدِّر من السَّيِّئَات، دافِعين بذلكَ مَا قَد يُخَاف
من ذَلِك، كَمَا يزِيل الإِنْسَان الجُوع الحَاضِر بِالأَكْلِ، وَيدْفَع بِهِ
الجُوع المُسْتَقْبل،
****
المُنافِقِين، وَيُبطِلون شُبهَاتهم، قالَ
تَعَالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا
ٱلنَّبِيُّ جَٰهِدِ ٱلۡكُفَّارَ وَٱلۡمُنَٰفِقِينَ وَٱغۡلُظۡ عَلَيۡهِمۡۚ﴾ [التوبة: 73].
قَولُه: «فَيجْتَهِدون فِي إقَامَة دِينِه، مُستَعينِينَ بِه، دَافعينَ مُزيلينَ
بِذلكَ مَا قُدِّر مِن السَّيِّئاتِ، دَافعِين بِذلكَ مَا قَد يُخافُ مِن ذَلك»،
فَالمُؤمِنون يَقومُون بِالجِهاد فِي سَبيلِ اللهِ لأهْلِ الكُفرِ وَلأهْلِ
النِّفَاق؛ لئَلا يَنتَشِر الكُفرُ وَيختَفي الإيمَانُ، وَيُذلَّ المُسلِمون
ويُعزَّ الكُفار.
فَلا
بُدَّ مِن الجِهادَين: جِهادُ الكُفَّار مِن الخَارجِ، وَجهَادُ المُنافِقين مِن
الدَّاخِل، فَالمُنافِقون يَعيشُون مَع المُسلِمينَ وَيزعُمونَ أنَّهم مُسلِمون،
ولكِنَّهُم يَنشرُون الشَّرَّ، وَهُم خَدمٌ لِلكفَّار فِي كُلِّ زَمان وَمَكان،
فَلا بُدَّ مِن جِهَاد الكُفَّار مِن الخَارج وَجهَاد المُنافِقِين مِن الدَّاخِل؛
حتَّى ينتَصِر الإسْلاَم وَينقَمِع أهْل الشَّرِّ.
«دَافعِين بِذلِك مَا قَد يُخَاف
مِن ذَلكَ»، فَلا يَقولُون عَن الكُفْر وَالنِّفاق: هَذا شَيءٌ
مُقدَّر قَدَّره اللهُ، فَاللهُ قَدرَ وَأمرَنا أنْ نُجاهِد الكُفَّار مَع أنَّه
قَدر الكُفرَ وَالشِّرك والمَعاصِي والنِّفاق، وَمع هَذا أَمرنَا أنْ نُدافِع هَذه
الأشْياءَ وَأن نقَاوِمها، وَلا نَسكُت عَنهَا وَنقولُ: هَذا مُقدَّر، فَهذِه
حُجَّة أهْلِ البَاطِل.
ثُمَّ
ذَكر المُصنِّف رحمه الله لِذلكَ أَمثلَةً مَحسوسَةً عَلى وُجوب فِعْل الأسْبَاب،
فَقَال: «كَمَا يُزِيل الإِنسَانُ الجُوعَ
الحَاضِر بِالأكْلِ»، فَنحنُ