فَكما نَدفَع البَردَ بِالملابسِ، وَندفَع
الجُوعَ بالطَّعامِ وَندفَع الظَّمأ بالشَّرابِ، فَإننَا نَدفَع الكُفر والنِّفَاق
بالجِهاد.
«كَما قَالوا للنَّبيِّ صلى الله
عليه وسلم: يا رَسولَ اللهِ، أرَأيتَ أدوِيةً نَتداوَى بِها، وَرُقى نَستَرقِي
بِها، وتُقاةً نَتقِي بِها؛ هَل تَردُّ مِن قدرِ اللهِ شَيئًا؟»،
سَألوا النَّبي صلى الله عليه وسلم عَن الأسْبَاب هَل تَردُّ مِن قَدر اللهِ
شَيئًا، فَقال: «هِيَ مِنْ قَدَرِ اللهِ»،
فَالأسْبابُ التِي نأخُذُ بِها قَدَّرها اللهُ، فَكما قَدر اللهُ البَرد قَدَّر
لِبسَ المَلابِس والاسْتدْفَاء لِدفعِه، وَكذا الظَّمأ وَقدَّر تَناولَ الشَّرابَ
لِدفعه.. وهكذا.
وَفِي
حَدِيثٍ آَخر قَالَ صلى الله عليه وسلم: «مَا
أَنْزَلَ اللهُ دَاءً، إِلاَّ قَدْ أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً، عَلِمَهُ مَنْ
عَلِمَهُ، وَجَهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ» ([1])،
فَهَل إِذَا أصَابَ الإِنْسَان مَرضٌ يَستَسلِم وَيَقُول: هَذا مُقدَّر عَليَّ؟
بَل لَه أنْ يَدفع القَدرَ بِالقَدرِ.
والرُّقيَة
مَعرُوفة، وَهِي القِرَاءةُ عَلى المَريضِ، وَالدُّعاءُ لهُ بِالشِّفاء،
فَالرُّقيَة مَشرُوعة، وَالقُرآنُ فِيه شِفاء، وَلا يُمكِن أَن نَتَّكل عَلى
القَدرِ وَنقُول: اتْركُوا المَريضَ فَهذا مُقدَّر عَليهِ؟!
ومِمَّا يَدلُّ عَلى ذلِكَ مَا جَاء فِي الحَديثِ: «إِنَّ الدُّعَاءَ وَالبَلاَءَ لَيَلْتَقِيَانِ فَيَعْتَلِجَانِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضَ» ([2])، فَالبَلاَء مُقدَّرٌ وَالدُّعَاء مُقدَّرٌ، والدُّعاءُ يَدفعُ البَلاء، فَيُدْفع المُقَدرُ بِالمُقدَّرِ.
([1]) أخرجه: أحمد رقم (3578)، وأبو يعلى رقم (5183)، والحاكم رقم (7424).