وَكَذَلِكَ أُولَئِكَ إِذا حققت عَلَيْهِم مَا
يزعمونه من حقائق أَوْلِيَاء الله المُخَالفَة للْكتاب وَالسّنة وجَدَت من
الأَهْوَاء التي يتبعهَا أَعدَاء الله لاَ أولياؤه.
وأصلُ ضَلالِ من
ضَلَّ، هُوَ بِتَقْدِيم قِيَاسه على النَّص المنزل من عِنْد الله، واختياره الهوى
على اتِّبَاع أَمر الله، فَإِن الذَّوْق والوجد وَنَحْو ذَلِك هُوَ بِحَسب مَا
يُحِبهُ العَبْد، فَكل محب لَهُ ذوق وَوجد بِحَسب محبته. فَأهل الإِيمَان لَهُم من
الذَّوْق والوجد مثل مَا بيّنه النَّبِي صلى الله عليه وسلم بقوله فِي الحَدِيث
الصَّحِيح: «ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاَوَةَ الإِيمَانِ: مَنْ كَانَ
اللهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَمَنْ كَانَ يُحِبُّ
المَرْءَ لاَ يُحِبُّهُ إِلاَّ لِلَّهِ، وَمَنْ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي
الكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْقَذَهُ اللهُ مِنْهُ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُلْقَى فِي
النَّار» ([1])، وَقَالَ صلى
الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «ذَاقَ طَعْمَ الإِيمَانِ مَنْ رَضِيَ بِاللَّهِ
رَبًّا وَبِالإِسْلاَمِ دِينَا وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا» ([2]).
****
قولُهُ: «وَإذا حَقَّقت عَلى هَؤلاءِ مَا يَزعُمونه مِن العَقلياتِ المُخالِفَة
لِلكتابِ والسُّنَّة وَجدَّت جَهليَّات وَاعتِقَادات فَاسِدة»، هُم يَقُولون أنَّ
الأَدلَّة العَقليَّة يِقينِيَّات، فَيعتَبرون الأدِلَّة وَهي فِي الحَقيقَة
جَهليَّات؛ لأنَّ اليَقينيات مَا دلَّ عَليه الكِتاب.
والعَقلُ السَّليمُ لاَ يُخالفُ النَّقل الصَّحيح أَبدًا، فَإن اخْتَلفا: فَإمَّا أَن يَكون النَّقلُ غَيرَ صَحيح، وَإمَّا أَن العَقلَ غَيرُ سَليمٍ، هَذه هِي القَاعدَة؛
([1]) أخرجه: مسلم رقم (43).