فالعَبدُ بِحَاجَة إِلى العِبَادة دَائمًا
وَأَبدًا، لاَ يَسْتَغني عَنهَا فِي لَحظَة مِن اللَّحَظات، فَهُو عَبدٌ، وَلا
يَخرُج عَن العُبودِيَّة؛ وَلهَذا قالَ اللهُ لِنبيِّه: ﴿وَٱعۡبُدۡ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأۡتِيَكَ ٱلۡيَقِينُ﴾ [الحجر: 99]، يعْنِي: المَوت.
قَولُه:
«وَمنْ تَوهَّم أَنَّ المَخلُوق يَخرُج
عَن العُبودِيَّة بِوجهٍ مِن الوُجوهِ أَو أَنَّ الخُروجَ عَنهَا أَكمَل»،
كَما تَقولُه الصُّوفِيَّة: إِنَّ العبْدَ يَصلُ إِلى مَرحَلة لاَ يَحتَاج
مَعهَا إلَى العُبودِيَّة وَلا يَحرُم عَليهِ شَيءٌ، وَلا يَجبُ عَليهِ شَيءٌ، وَهذَا
بَاطلٌ، فَالعَبد لاَ يَزالُ عَبدًا للهِ عز وجل، وكُلَّما كَثرَت عِبادَته للهِ
كَمُل، وَكُلمَا نَقصَت عِبادَته نَقَص.
وَلَيسَ
هُناك حَدٌّ يَنتهي إِليه فِي العِبَادة إِلا المَوت، فإذَا مَات الإِنسَان
انْقَطع عَملُه، فَالصُّوفيَّة يَقولُون: إِنَّ الخُروجَ مِن العُبوديَّة أكْمَل؛
لأنَّه لاَ يَخرُج مِنهَا إِلا مَن وَصَل إِلى اللهِ، فَهُو أكْمَل مِن العَوامِّ
الذِين يَحتَاجُون لِلعُبودِيَّة.
وَهذا
مِن تَزيينِ وَتسْويل الشَّيطان لَهم، فَلا أَحَد يَخرُج عَن حَاجَته إِلى
العُبودِيَّة دائِمًا وَأبدًا؛ لأَنَّه فَقيرٌ مُحتاجٌ إِلى اللهِ دَائمًا وَأبدًا
فِي كُلِّ أَحوَاله، لاَ يَستَغنِي عَن اللهِ طَرفَة عَينٍ، فَهوَ بِحاجَة إِلى
العِبَادة التِي تُقرِّبه إِلى اللهِ عز وجل، وَتُحبِّبه إِلى اللهِ، فَهُو
بِحاجَة إِليهَا وَلا يَستَغنِي عَنهَا مَا دَام عَلى قَيد الحَياةِ وعَقلُه
بَاقٍ.
وَأفضَل
الخَلقِ وَهُم المَلائِكة والأَنبِياءُ والرُّسل وَالأوْلِياء وَالصَّالِحون لاَ
يَخرُجون عَن العُبودِيَّة وَلا يَترُكونَها كمَا ذَكر اللهُ عَنهُم فِي هَذه
الآَيات: