×
شرح كتاب العبودية

وبِهَا نَعتَ كُلَّ مَن اصْطَفى مِن خَلْقِه كقَوْله: ﴿وَٱذۡكُرۡ عِبَٰدَنَآ إِبۡرَٰهِيمَ وَإِسۡحَٰقَ وَيَعۡقُوبَ أُوْلِي ٱلۡأَيۡدِي وَٱلۡأَبۡصَٰرِ ٤٥إِنَّآ أَخۡلَصۡنَٰهُم بِخَالِصَةٖ ذِكۡرَى ٱلدَّارِ ٤٦وَإِنَّهُمۡ عِندَنَا لَمِنَ ٱلۡمُصۡطَفَيۡنَ ٱلۡأَخۡيَارِ٤٧ [ص: 45- 47]، وَقَوله: ﴿وَٱذۡكُرۡ عَبۡدَنَا دَاوُۥدَ ذَا ٱلۡأَيۡدِۖ إِنَّهُۥٓ أَوَّابٌ [ص: 17]، وَقَالَ عَن سُلَيْمَان: ﴿نِعۡمَ ٱلۡعَبۡدُ إِنَّهُۥٓ أَوَّابٌ [ص: 30]

****

إِنَّمَا سُلۡطَٰنُهُۥ عَلَى ٱلَّذِينَ يَتَوَلَّوۡنَهُۥ وَٱلَّذِينَ هُم بِهِۦ مُشۡرِكُونَ ١٠٠، أي: سُلطَان الشَّيطَان، ﴿عَلَى ٱلَّذِينَ يَتَوَلَّوۡنَهُۥ، أي: يُطيعُونه ويَنقَادونَ لَه، ﴿وَٱلَّذِينَ هُم بِهِۦ مُشۡرِكُونَ، فِي عِبادَته هَؤلاءِ يَتسلَّط عَليهِم الشَّيطَان.

* هَذه الآيَات فِي سِياق خُصوصِ العُبودِيَّة للهِ جل وعلا وَأنَّه لاَ يَخرُج عَنها أَحدٌ، رَدًّا عَلى الصُّوفِيَّة الذِين يَزعُمون أنَّهم إِذا وَصلوا إِلى مَرحَلةٍ مِن القُربِ إِلى اللهِ - بِزعْمِهم - يَخرُجونَ عَن العُبودِيَّة، وَليسُوا بِحاجَة إلَيَها، فالشَّيخُ رحمه الله يَرد علَيهِم بأنَّ المُصْطَفين مِن عِباد اللهِ مِن الملاَئِكَة والرُّسلِ مَوصُوفون بِالعُبودِيَّة، فَلا يَخرُج أَحدٌ عَن العُبودِيَّة للهِ عز وجل مَهمَا بَلغ مِن الصَّلاح وَالقُربِ، كُلٌّ فَقيرٌ إلَى اللهِ جل وعلا وَعبدٌ للهِ عز وجل.

فقَولُه تَعالى: ﴿وَٱذۡكُرۡ عِبَٰدَنَآ، وَصفَهم بِالعُبودِيَّة مَع أَنَّهم أفْضَل الخَلقِ، ﴿أُوْلِي ٱلۡأَيۡدِي، أي: القُوَّة فِي العِبَادة وَفي التَّوكُّل عَلى اللهِ سبحانه وتعالى، ﴿وَٱلۡأَبۡصَٰرِ أي: البصَائِر النَّافِعة، فَسمَّاهُم عِبادًا لَه.

وقَولُه تَعالى: ﴿وَٱذۡكُرۡ عَبۡدَنَا دَاوُۥدَ ذَا ٱلۡأَيۡدِۖ إِنَّهُۥٓ أَوَّابٌ أي: ذَا القُوَّة فِي العِبادَة وَفي الجِهَاد في سَبيلِ اللهِ، وَداود مِن أَنبِياء بَني إسْرَائيلَ، أَثنَى اللهُ عَليهِ بِقولِه: ﴿وَٱذۡكُرۡ، أيُّهَا الرَّسُول، ﴿عَبۡدَنَا دَاوُۥدَ، فَاقْتَدِ بِه


الشرح