وَعَن أَيُّوب: ﴿نِعۡمَ
ٱلۡعَبۡدُ﴾، قَالَ: ﴿وَٱذۡكُرۡ عَبۡدَنَآ أَيُّوبَ إِذۡ نَادَىٰ رَبَّهُۥٓ﴾ [ص: 41]، وَقَالَ
نوح عليه السلام: ﴿ذُرِّيَّةَ مَنۡ حَمَلۡنَا
مَعَ نُوحٍۚ إِنَّهُۥ كَانَ عَبۡدٗا شَكُورٗا﴾ [الإسراء: 3]،
وَقَالَ: ﴿سُبۡحَٰنَ ٱلَّذِيٓ أَسۡرَىٰ
بِعَبۡدِهِۦ لَيۡلٗا﴾ [الإسراء: 1]. وَقَالَ: ﴿وَأَنَّهُۥ
لَمَّا قَامَ عَبۡدُ ٱللَّهِ يَدۡعُوهُ﴾ [الجن: 19]، وَقَالَ: ﴿وَإِن
كُنتُمۡ فِي رَيۡبٖ مِّمَّا نَزَّلۡنَا عَلَىٰ عَبۡدِنَا﴾ [البقرة: 23]،
وَقَالَ: ﴿فَأَوۡحَىٰٓ إِلَىٰ عَبۡدِهِۦ
مَآ أَوۡحَىٰ﴾ [النجم: 10]
****
وَتَسلَّ
بِه لِمَا أَصَابك مِن النَّاس.
*
وكذلِكَ قالَ تعَالى عَن سُليمَان بْن دَاوُد -عَليهِمَا الصَّلاةُ والسَّلام-: ﴿نِعۡمَ
ٱلۡعَبۡدُ إِنَّهُۥٓ أَوَّابٌ﴾ أي: رجَّاعٌ إِلى اللهِ سبحانه
وتعالى، وَهوَ كَذلكَ نَبيٌّ وَملكٌ، آتاه اللهُ المُلكَ بَعد أَبيهِ، قَال
تَعالى: ﴿وَوَرِثَ
سُلَيۡمَٰنُ دَاوُۥدَۖ﴾
[النمل: 16]، فَقد وَرِثَه فِي الملْكِ والنُّبوَّة وَلم يَرثْهُ فِي المَال؛
لأنَّ الأنْبِياء لا يُورِّثُون.
وقَال
عَن عَبدِه وَنبيِّه أيُّوب عليه السلام، الذِي ابْتَلاه اللهُ بِالمرضِ الشَّديد،
وأصَاب مِنْه المَرضُ مَا أصَابَ، وَجفاهُ النَّاس وتَركُوه، ثُم شَكا إِلى رَبِّه
وَشفَاه اللهُ، قَال تَعالى: ﴿وَٱذۡكُرۡ عَبۡدَنَآ أَيُّوبَ إِذۡ نَادَىٰ رَبَّهُۥٓ
أَنِّي مَسَّنِيَ ٱلشَّيۡطَٰنُ بِنُصۡبٖ وَعَذَابٍ﴾
[ص: 41]، فَقال اللهُ جل وعلا لَه: ﴿ٱرۡكُضۡ بِرِجۡلِكَۖ هَٰذَا مُغۡتَسَلُۢ بَارِدٞ
وَشَرَابٞ﴾ [ص: 42]، فَبرجْلِه ضَرب
الأَرضَ فنَبَع المَاء، واغْتَسل مِنهُ فَشفاهُ اللهُ عز وجل مِمَّا أصَابَه.
وقَد أَجابَ دَعوَته فِي الحَال، وَأزالَ سَقمَه، وَرفَع مَرضَه، ﴿وَوَهَبۡنَا لَهُۥٓ أَهۡلَهُۥ وَمِثۡلَهُم مَّعَهُمۡ رَحۡمَةٗ مِّنَّا وَذِكۡرَىٰ لِأُوْلِي ٱلۡأَلۡبَٰبِ﴾ [ص: 43]، الشَّاهِد: أنَّ أَيُّوب وَصفَه اللهُ بالعُبودِيَّة، وَهذِه عُبودِيَّة خَاصَّة، وَإلا فُكلُّ النَّاس عِباد للهِ العُبودِيَّة العَامَّة، كَما سَبقَ أنَّ العُبوديَّة عَلى قِسمَين: عبُودِيَّة عَامَّة