×
شرح كتاب العبودية

وَقَالَ: ﴿وَمَا خَلَقۡتُ ٱلۡجِنَّ وَٱلۡإِنسَ إِلَّا لِيَعۡبُدُونِ [الذاريات: 56]،

****

 لِلنَّاس وَيسمُّونَه بِأسمَاء تُروِّجُه، وَهي لا تُغيِّر الحَقائِق؛ لأنَّ الحَقَائق لا تَتغَيَّر وَإن تَغيَّرت الأسْمَاءُ وَتعدَّدتِ الحِيَل والشُّبُهَات، فَالحَقيقَة بَاقِية، وَجمِيع المَخلُوقَات عَاجِزة، وَكُل المَخلُوقَات فَقِيرة إِلى اللهِ، واللهُ جل وعلا هُو الغَنيُّ، وَهُو الذِي خَلَق السَّمَوات والأَرضَ، فَكيفَ يَعتَرِفونَ بِتوحِيد الرُّبوبِيَّة، وَلا يَقومُون بِتوحِيد الأُلوهِيَّة؟!!».

وَقولُه تَعَالى: ﴿وَمَا خَلَقۡتُ ٱلۡجِنَّ وَٱلۡإِنسَ إِلَّا لِيَعۡبُدُونِ [الذاريات: 56]، بَيَّنَ الحِكمَة مِن خَلقِ الجِن والإِنسِ، وَهِي أنَّ اللهَ خَلَقهُم لِعبَادَتِه، قَالَ تعَالى: ﴿مَآ أُرِيدُ مِنۡهُم مِّن رِّزۡقٖ وَمَآ أُرِيدُ أَن يُطۡعِمُونِ [الذاريات: 57]، فهُوَ لا يُريدُ مِنهُم الرِّزقَ، بَل ﴿إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلرَّزَّاقُ ذُو ٱلۡقُوَّةِ ٱلۡمَتِينُ [الذاريات: 58]، وإنَّمَا خَلقَهُم لعِبَادَته فَقَط.

والعِبادَة نَفعُها لَهمْ، والشِّركُ ضَررُه عَليهِم، أمَّا الله جل وعلا فَلا تَنفَعه طَاعَة المُطيعِ وَلا تَضُرُّه مَعصِيَة العَاصِي، وَإنَّمَا فَضلُ ذَلكَ فَائِدتُه أَو مَضرَّتُه يَرجِع ذَلك كُلُّه إِليهِم، ولَوْ أَشرَكوا كُلُّهم وَكَفروا كُلُّهم فَإنَّهم لاَ يُنقِصُون مِن مُلكِ اللهِ جل وعلا، وَلا يَضرُّون اللهَ جل وعلا شَيئًا، وَإنَّمَا يَضرُّون أَنفُسَهم. ولَو عَبَدوا اللهَ كُلُّهم وَلم يُشرِكُوا بِه شَيئًا مَا زَاد ذَلكَ فِي مُلكِه شَيئًا.


الشرح