×
شرح كتاب العبودية

﴿وَٱعۡبُدُوهُ وَٱشۡكُرُواْ لَهُۥٓۖ إِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ؛ أَيْ: إِلَيْهِ مَرَدُّكُمْ، فَيُحَاسِبَكُمْ، أَمَّا هذه الأحجار والأصنام فلا تَمْلِكُ لكم ضَرًّا ولا نَفْعًا، وليس عِنْدَهَا جَزَاءٌ لكم يَوْمَ القيامة، فإذا كُنْتَ تُرِيدُ العِزَّةَ، فَاعْمَلْ بِهَذِهِ الوَصِيَّةِ؛ اطْلُبِ الرِّزْقَ مِنَ الله، وَاعْبُدِ الله عز وجل وَاشْكُرْهُ إِذَا أَنْعَمَ عَلَيْكَ، وَحَصُلْتَ على نِعْمَةٍ.

فاعترف لله بالفَضْلِ والمِنَّةِ، ولا تَقُلْ: هذا بسبب فُلانٍ، أو بسبب جهدي أو كدِّي، هذه وصيَّة إبراهيم عليه السلام لِقَوْمِهِ، وهي وصيَّة لكلِّ النَّاس. وفي الآَيَةِ دَلِيلٌ على أنَّ طَلَبَ الرِّزْقِ لا يَتَنَافَى مع العبادة، بل هو عبادة.

قوله: «فالعَبْدُ لا بُدَّ له مِنْ رِزْقٍ، وهو محتاج إلى ذلك»: فليس معنى الكلام السَّابق في التَّحذير من الطَّمع والحرص على تحصيل المال، ليس معنى ذلك أنَّك لا تَطْلُبُ الرِّزْقَ، بل كما قال الخَلِيلُ: ﴿فَٱبۡتَغُواْ عِندَ ٱللَّهِ ٱلرِّزۡقَ وَٱعۡبُدُوهُ.

فالرِّزْقُ عِنْدَ الله؛ فَاطْلُبْهُ مِنْهُ سبحانه وتعالى وَلَكِنْ لا تَطْلُبْهُ بِذِلَّةٍ للمخلوقين؛ قال سبحانه: ﴿وَمَن يَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِ فَهُوَ حَسۡبُهُۥٓۚ إِنَّ ٱللَّهَ بَٰلِغُ أَمۡرِهِۦۚ قَدۡ جَعَلَ ٱللَّهُ لِكُلِّ شَيۡءٖ قَدۡرٗا [الطلاق: 3].


الشرح