×
شرح كتاب العبودية

فَإِذا طَلَبَ رِزْقَهُ مِنْ الله، صَار عَبْدًا لله؛ فَقِيرًا إِلَيْهِ، وَإِنْ طَلَبَهُ مِنْ مَخْلُوقٍ، صَار عَبْدًا لذَلِك الْمَخْلُوقِ، فَقِيرًا إِلَيْهِ. وَلِهَذَا كَانَت «مَسْأَلَةُ الْمَخْلُوقِ» مُحرَّمَة فِي الأَصْل، وَإِنَّمَا أُبِيحَتْ لِلضَّرُورَةِ.

وَفِي النَّهْىِ عَنْهَا أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ فِي الصِّحَاحِ وَالسُّنَنِ وَالمَسَانِيدِ، كَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «لاَ تزَال الْمَسْأَلَة بِأَحَدِكُمْ حَتَّى يَأْتِيَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَيْسَ فِي وَجْهِهِ مِزْعَةُ لَحْمٍ» ([1])،

****

  قوله: «فإذا طَلَبَ رِزْقَهُ مِنَ الله، صَارَ عَبْدًا لله، فَقِيرًا إليه»: وَهَذَا هو الواجب؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿فَٱبۡتَغُواْ عِندَ ٱللَّهِ ٱلرِّزۡقَ وَٱعۡبُدُوهُ [العنكبوت: 17].

قوله: «وَإِنْ طَلَبَهُ مِنْ مَخْلُوقٍ، صَارَ عَبْدًا لِذَلِكَ المَخْلُوقِ، فَقِيرًا إِلَيْهِ»: لأنَّه يَخْضَعُ له، وَيَذِلُّ له، وَيَلْتَمِسُ رِضَاهُ، ويخاف من سَخَطِهِ عَلَيْهِ وَغَضَبِهِ، وَيَذِلُّ له، وَيُدَارِيهِ، وهو عَبْدٌ مِثْلُهُ.

قوله: «ولهذا كانت «مَسْأَلَةُ المَخْلُوقِ» محرَّمة في الأصل»: يَحْرُمُ أن تَسْأَلَ المخلوق مالاً؛ لأنَّ في المسألة ذلاًّ للمخلوق، ولكن تُبَاحُ المَسْأَلَةُ عند الحاجة كما يأتي، أمَّا إذا اسْتَغْنَيْتَ فلا تسأل النَّاس، واسأل اللهَ سبحانه وتعالى فَأَصْلُ السُّؤَالِ للمَخْلُوقِ مُحَرَّمٌ، وفيه وَعِيدٌ شديد.

قوله: «وإنَّما أُبِيحَتْ للضَّرورة»: أُبِيحَتْ المسألة في بَعْضِ الأحيان للضَّرورة الَّتي لا تَنْدَفِعُ إلاَّ بها.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (1474)، ومسلم رقم (1040).