وَقَوله: «من سَأَلَ... النَّاس، وَلَهُ مَا
يُغْنِيهِ، جَاءَتْ مَسْأَلتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ خُدُوشًا - أَوْ خُمُوشًا أَو
كُدُوحًا - فِي وَجْهِهِ» ([1])، وَقَولُه: «لاَ
تَحِلُّ الْمَسْأَلَةُ إِلاَّ لِذِي غُرْمٍ مُفْظِعٍ أَو دَمٍ مُوجِعٍ أَو فَقْرٍ
مُدْقِعٍ» ([2]).
****
قوله:
«وفي النَّهي عنها أحاديث كثيرة في
الصِّحاح والسُّنن والمسانيد»: تدلُّ على تحريم مسألة النَّاس؛ مثل قوله
صلى الله عليه وسلم: «لا تَزَالُ
المَسْأَلَةُ بِأَحَدِكُمْ حَتَّى يَأْتِيَ يَوْمَ القِيَامَةِ وَلَيْسَ فِي
وَجْهِهِ مِزْعَةُ لَحْمٍ».
وَقَوْلُهُ
صلى الله عليه وسلم: «مَنْ سَأَلَ
النَّاسَ وَلَهُ مَا يُغْنِيهِ، جَاءَتْ مَسْأَلَتُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ خُدُوشًا
- أَوْ خُمُوشًا أَوْ كُدُوحًا - فِي وَجْهِهِ». هَذَا إذا كَانَ يَسْأَلُ
مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ، ويتَّخذ المسألة حِرْفَةً تَكُونُ لها آَثَارٌ سَيِّئَةٌ في
وَجْهِهِ يَوْمَ القيامة يَفْتَضِحُ بها.
وقوله
صلى الله عليه وسلم: «لا تَحِلُّ
المسألة»، دَلَّ هذا على أنَّها محرَّمة في الأصل، ولكنَّها تَحِلُّ عند
الضَّرورة لثلاثة أشخاص:
الأول:
«لذي غُرْمٍ مفظع»؛ يَعْنِي:
ثَقِيلاً. غَارِمٌ لِنَفْسِهِ؛ بِأَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ دُيُونٌ لا يستطيع
سَدَادَهَا؛ فهذا تَحِلُّ له المسألة حتَّى يصيب ما يسدِّد ديونه الَّتي يعجز
عنها؛ فهذا غَارِمٌ لِنَفْسِهِ.
وكذلك الغَارِمُ لِغَيْرِهِ؛ كالغَارِمِ لإِصْلاحِ ذَاتِ البَيْنِ؛ بِأَنْ يتوسَّط للصُّلْحِ بَيْنَ القبائل المُتَنَازِعَةِ، فَيَدْفَعَ لذلك مالاً من عنده؛ فهذا يُسَاعَدُ من الزَّكاة، ولا يُترك ليتحمَّل الغرامة وَحْدَهُ؛ لأنَّ ذلك يَجْحَفُ بِمَالِهِ، وَيَسُدُّ بَابَ الإصلاح.
([1]) أخرجه: الترمذي رقم (653)، والنسائي رقم (2592)، وابن ماجه رقم (1840).