وَقَولُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لاِبْنِ
عَبَّاس: «إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ، فَاسْتَعِنْ
بِاللَّه» ([1])، وَمِنْهُ قَوْلُ
الْخَلِيلِ: ﴿فَٱبۡتَغُواْ عِندَ ٱللَّهِ ٱلرِّزۡقَ﴾ [العنكبوت: 17]،
وَلَمْ يَقُلْ: فَابْتَغُوا الرِّزق عِنْدَ اللهِ؛ لأَِنَّ تَقْدِيمَ الظَّرْفِ
يُشْعِرُ بالاخْتِصَاصِ وَالحَصْرِ؛ كَأَنَّهُ قَالَ: لاَ تَبْتَغُوا الرِّزْقَ
إِلاَّ عِنْدَ اللهِ.
****
وقوله: ﴿وَإِلَىٰ
رَبِّكَ فَٱرۡغَب﴾ هَذَا
مَحَلُّ الشَّاهِدِ؛ فَتَقْدِيمُ ﴿وَإِلَىٰ
رَبِّكَ﴾ يُفِيدُ الحَصْرَ؛ أَيْ:
فإلى ربِّك وَحْدَهُ فارغب لا إلى غيره، فارغب فيما عند الله، وَاسْأَلْ مَا
عِنْدَهُ سبحانه وتعالى وَاسْأَلْ كُلَّ ما ترغب من الأمور، واطلبه من الله سبحانه
وتعالى.
وقال
صلى الله عليه وسلم: «إِذَا سَأَلْتَ، فَاسْأَلِ اللهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ، فَاسْتَعِنْ
بِاللهِ»، فَإِنَّ اللهَ هو الغَنِيُّ الحَمِيدُ الَّذي عِنْدَهُ حَوَائِجُكَ،
ولا تَسْأَلْ غَيْرَهُ، واستغن بالله عن غيره، وهذا تَوْجِيهٌ لابن عبَّاس ولغيره
بأن يوجِّهوا سؤالهم لله سبحانه.
«إِذَا اسْتَعَنْتَ، فَاسْتَعِنْ
بِاللهِ» الاسْتِعَانَةُ: أَنْ تَطْلُبَ مَنْ يُعِينُكَ على
تَحْصِيلِ شَيْءٍ، والاستعانة بالمَخْلُوقِينَ فيما يَقْدِرُونَ عَلَيْهِ لا
بَأْسَ بها، ولكن الاستغناء عنها والاستعانة بالله أَحْسَنُ، وأمَّا الاستعانة
بالمَخْلُوقِ فيما لا يَقْدِرُ عليه، فَهِيَ شِرْكٌ.
قال الشَّيخ: «ومنه قول الخَلِيلِ: ﴿فَٱبۡتَغُواْ عِندَ ٱللَّهِ ٱلرِّزۡقَ﴾ [العنكبوت: 17]، ولم يَقُلْ: فابتغوا الرِّزْقَ عند الله؛ لأنَّ تَقْدِيمَ الظَّرف يُشْعِرُ بالاختصاص والحَصْرِ؛ كأنَّه قال: لا تَبْتَغُوا الرِّزق إلاَّ عند الله».
([1]) أخرجه: الترمذي رقم (2516)، وأحمد رقم (2669)، والحاكم رقم (6303).