×
شرح كتاب العبودية

وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: ﴿وَسۡ‍َٔلُواْ ٱللَّهَ مِن فَضۡلِهِۦٓۚ [النساء: 32]، وَالإِْنْسَانُ لا بُدَّ لَهُ مِنْ حُصُولِ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنَ الرِّزْقِ وَنَحْوِهِ؛ وَدَفْعِ مَا يَضُرُّهُ، وَكِلا الأَْمْرَيْنِ شُرِعَ لَهُ أَنْ يَكُونَ دُعَاءُهُ للهِ؛ فَلَهُ أَنْ يَسْأَلَ اللهَ، وَإِلَيْهِ يَشْتَكِي، كَمَا قَالَ يَعْقُوبُ عليه السلام: ﴿قَالَ إِنَّمَآ أَشۡكُواْ بَثِّي وَحُزۡنِيٓ إِلَى ٱللَّهِ [يوسف: 86].

وَاللهُ تَعَالَى ذَكَرَ فِي الْقُرْآنِ «الهَجْرَ الْجَمِيلَ» و«الصَّفْحَ الْجَمِيلَ» وَ«الصَّبْرَ الْجَمِيلَ». وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ «الهَجْرَ الْجَمِيلَ» هُوَ هَجْرٌ بِلاَ أَذىً، والصَّفْحُ الْجَمِيلُ صَفْحٌ بِلاَ مُعَاتَبَةٍ.

****

قَالَ الخَلِيلُ عليه السلام لِقَوْمِهِ: ﴿إِنَّمَا تَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَوۡثَٰنٗا وَتَخۡلُقُونَ إِفۡكًاۚ إِنَّ ٱلَّذِينَ تَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ لَا يَمۡلِكُونَ لَكُمۡ رِزۡقٗا فَٱبۡتَغُواْ عِندَ ٱللَّهِ ٱلرِّزۡقَ وَٱعۡبُدُوهُ وَٱشۡكُرُواْ لَهُۥٓۖ إِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ [العنكبوت: 17]؛ فَقَدَّمَ المَعْمُولَ ﴿عِندَ ٱللَّه على المَفْعُولِ، وَهُوَ الرِّزْقُ؛ فَلَمْ يَقُلْ: ابْتَغُوا الرِّزْقَ عند الله؛ لأنَّ تَقْدِيمَ المعمول يُفِيدُ الحَصْرَ، وَالمَعْنَى: لا تَبْتَغُوا الرِّزْقَ مِنْ غَيْرِ الله سبحانه وتعالى؛ قال تَعَالَى: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلرَّزَّاقُ ذُو ٱلۡقُوَّةِ ٱلۡمَتِينُ [الذاريات: 58].

وقوله تعالى: ﴿وَسۡ‍َٔلُواْ ٱللَّهَ مِن فَضۡلِهِۦٓۚ [النساء: 32]؛ فَوَجَّهَ سبحانه وتعالى عِبَادَهُ إِلَى أَنْ يَسْأَلُوهُ، وَلا يَتَمَنَّوْا مَا عِنْدَ الآخَرِينَ، بَلْ تَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَكُونَ لَكَ مِثْلُ فُلانٍ؛ فَطَلَبُ الرِّزْقِ مِنْهُ سبحانه وتعالى اسْأَلِ اللهَ أَنْ يُعْطِيَكَ مِثْلَ ما أعطى فلانًا، وهو قَرِيبٌ مُجِيبٌ سُبْحَانَهُ؛ بَدَلَ أن تتمنَّى زَوَالَهُ إِلَيْكَ.

قوله: «والإنسان لا بُدَّ له مِنْ حُصُولِ ما يَحْتَاجُ إليه من الرِّزْقِ وَنَحْوِهِ..»: لا شَكَّ أَنَّ الإِنْسَانَ دائمًا في حَاجَةٍ؛ فهو فقير؛ 


الشرح