×
شرح كتاب العبودية

 تَعَلَّقَ قَلْبُهُ به، أمَّا إذا علَّق الإنسان قَلْبَهُ بالله، وَأَنْزَلَ حَوَائِجَهُ بالله، صَارَ عَبْدًا لله، وإذا أَنْزَلَ حَوَائِجَهُ بالمَخْلُوقِينَ، صَارَ عَبْدًا لهم؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿فَٱسۡتَجَبۡنَا لَهُۥ وَوَهَبۡنَا لَهُۥ يَحۡيَىٰ وَأَصۡلَحۡنَا لَهُۥ زَوۡجَهُۥٓۚ إِنَّهُمۡ كَانُواْ يُسَٰرِعُونَ فِي ٱلۡخَيۡرَٰتِ وَيَدۡعُونَنَا رَغَبٗا وَرَهَبٗاۖ وَكَانُواْ لَنَا خَٰشِعِينَ [الأنبياء: 90].

وَلِهَذَا قَالَ: «وَإِعْرَاضُ قَلْبِهِ عن الطَّلب من غير الله، والرَّجاءُ له، يُوجِبُ انْصِرَافَ قَلْبِهِ عن العبوديَّة لله»: إذا انْصَرَفَ القَلْبُ عن الله، فَإِنَّ ذَلِكَ يَصْرِفُهُ عن الله، وَعَنْ عُبُودِيَّتِهِ لله عز وجل؛ فهو إمَّا أن يَعْتَمِدَ على الله، فيكون عبدًا لله.

«وإمَّا على سَادَاتِهِ وَكُبَرَائِهِ؛ كَمَالِكِهِ ومَلِكِهِ؛ وشَيْخِهِ ومَخْدُومِهِ وَغَيْرِهِم..»: فإنَّه يكون عبدًا لهم، حتَّى الملوك إذا ذلُّوا لخدَّامهم وَقَصَرُوا نَظَرَهُمْ إِلَيْهِمْ، صَارُوا عَبِيدًا لهم، مع أنَّهم مُلُوكٌ؛ فَإِنَّهم يحتاجون إلى المخلوقين.

أمَّا لو أنَّهم علَّقوا طَمَعَهُمْ بالله عز وجل وَرَجَاءَهُم بالله، لاجْتَمَعَ لهم عِزُّ الدُّنيا والآخرة؛ فالمُلْكُ يَزُولُ، ولا يبقى، والمال والثَّروة تزول، والأصدقاء والأقارب يموتون، وَيَعُودُ الإنسان فَقِيرًا وَذَلِيلاً.

أمَّا لو اعْتَمَدَ على الحيِّ الَّذي لا يموت، لَعَزَّ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿وَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱلۡحَيِّ ٱلَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحۡ بِحَمۡدِهِۦۚ وَكَفَىٰ بِهِۦ بِذُنُوبِ عِبَادِهِۦ خَبِيرًا [الفرقان: 58].


الشرح