×
شرح كتاب العبودية

وَكُلُّ مَنْ عَلَّقَ قلبه بالمخلوقين أَن يَنْصُرُوهُ أَو يَرْزُقُوهُ أَو أَن يَهْدُوه، خَضَعَ قَلْبُهُ لَهُم، وَصَارَ فِيهِ مِنَ الْعُبُودِيَّةِ لَهُم بِقَدْرِ ذَلِك؛ وَإِنْ كَانَ فِي الظَّاهِر أَمِيرًا لَهُم، مُدبِّرًا لَهُمْ، مُتَصَرِّفًا بِهِم؛ فالعَاقِلُ يَنْظُرُ إِلَى الْحَقَائِقِ، لاَ إِلَى الظَّوَاهِر؛

****

 قوله: «وَكُلُّ مَنْ عَلَّقَ قَلْبَهُ بالمخلوقات أن يَنْصُرُوهُ أو يَرْزُقُوهُ أو أن يَهْدُوهُ، خَضَعَ قَلْبُهُ لَهُمْ، وَصَارَ فِيهِ مِنَ العبوديَّة لهم بِقَدْرِ ذلك»: فإذا تَعَلَّقَ قَلْبُكَ بالمخلوقين، وَطَمِعْتَ فيما عِنْدَهُمْ، صِرْتَ عَبْدًا لهم، تُحَاوِلُ إِرْضَاءَهُمْ، وَتَخَافُ من سَخَطِهِمْ وَغَضَبِهِمْ.

فَعَلِّقْ قَلْبَكَ بالله، وَلا تُعَلِّقْ قَلْبَكَ بالمَخْلُوقِ مهما كَانَ هذا المَخْلُوقُ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿إِن يَنصُرۡكُمُ ٱللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمۡۖ وَإِن يَخۡذُلۡكُمۡ فَمَن ذَا ٱلَّذِي يَنصُرُكُم مِّنۢ بَعۡدِهِۦۗ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلۡيَتَوَكَّلِ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ [آل عمران: 160].

فالنَّصْرُ يُطْلَبُ مِنَ اللهِ عز وجل بَلْ كُلُّ الأُمُورِ تُطْلَبُ مِنَ اللهِ، وَهَذَا فِيهِ عِزُّ العَبْدِ، وَتَرَفُّعُهُ عَنِ الحَاجَةِ للمخلوقين.

قوله: «وإن كان في الظَّاهر أميرًا لهم، مُدَبِّرًا لهم، متصرِّفًا بهم؛ فالعَقْلُ ينظر إلى الحقائق، لا إلى الظَّواهر»: فالمَلِكُ إذا علَّق أَمْرَهُ بِخَدَمِهِ وَعَبِيدِهِ وَقُوَّتِهِ وَجُيُوشِهِ وَجُنُودِهِ، فإنَّه يَكُونُ عَبْدًا لهم، وَإِنْ كَانَ مَلِكًا في الظَّاهر.


الشرح