فالرَّجل إِذا تعلَّق قَلْبُهُ بِامْرَأَةٍ، وَلَو
كَانَت مُبَاحَةً لَهُ، يبْقى قَلْبُهُ أَسِيرًا لَهَا تَحَكَّمُ فِيهِ وتتصرَّف
بِمَا تُرِيدُ؛ وَهُوَ فِي الظَّاهِر سَيِّدهَا؛ لأَِنَّهُ زَوجهَا، وفِي
الْحَقِيقَة هُوَ أَسِيرُهَا وَمَمْلُوكُهَا، وَلاَ سِيَّمَا إِذا دَرَتْ بِفَقْرِهِ
إِلَيْهَا، وَعِشْقِهِ لَهَا، وَأَنَّه لاَ يَعْتَاضُ عَنْهَا بغَيْرهَا؛
فَإِنَّهَا حِينَئِذٍ تَحَكَّمُ فِيهِ بحُكْمِ السَّيِّدِ القاهر الظَّالِم فِي
عَبدِهِ المَقْهُورِ، الَّذِي لاَ يَسْتَطِيعُ الْخَلاَصَ مِنْهُ.
بَلْ أَعْظَمُ؛
فَإِنَّ أَسْرَ الْقلْبِ أَعْظَمُ مِنْ أَسْرِ الْبدَنِ، وَاسْتِعْبَادَ الْقلْبِ
أَعْظَمُ مِنَ اسْتِعْبَادِ الْبَدَن؛
****
قوله: «فالرَّجُلُ إذا تعلَّقَ قَلْبُهُ بِامْرَأَةٍ وَلَوْ كَانَتْ مُبَاحَةً
له، يَبْقَى قَلْبُهُ أَسِيرًا لها»: إذا تعلَّق الرَّجل بامْرَأَةٍ
وَأَحَبَّهَا ولو كانت زَوْجَتَهُ وَمُبَاحَةً له، فإنَّه يَبْقَى أَسِيرًا لها،
يَتَلَمَّسُ رِضَاهَا، ويتجنَّب ما يُسْخِطُهَا، وفي ذلك ذِلَّةٌ له.
بحيث:
«تَحَكَّمُ فِيهِ وَتَتَصَرَّفُ بما
تُرِيدُ».
قوله:
«وهو في الظَّاهر سيِّدُها؛ لأنَّه
زَوْجُهَا»: هو في الظَّاهر سَيِّدٌ لِهَذِهِ المرأة، ولكنَّه في البَاطِنِ
عَبْدٌ لها؛ لأنَّه متعلِّق قلبه بها، وَيُرَاقِبُ طاعتها، وما تُرِيدُهُ،
وَيَحْذَرُ من إِغْضَابِهَا، وقد دَعَا يوسف عليه السلام رَبَّهُ بِقَوْلِهِ:
﴿وَإِلَّا
تَصۡرِفۡ عَنِّي كَيۡدَهُنَّ أَصۡبُ إِلَيۡهِنَّ وَأَكُن مِّنَ ٱلۡجَٰهِلِينَ﴾ [يوسف: 33].
قوله:
«وفي الحقيقة هو أَسِيرُهَا وَمَمْلُوكُهَا؛
لا سِيَّمَا إذا دَرَتْ بِفَقْرِهِ إليها، وَعِشْقِهِ لها»: فإنَّها تتسلَّط
عليه إذا عَلِمَتْ أَنَّهُ يَطْمَعُ فيها، وَأَنَّهُ يُحِبُّهَا، فَيَنْبَغِي له
أن لا يُظْهِرَ لها ذلك.