وأمَّا إطلاق البصر إلى ما حرَّم الله، فإنَّه
يؤثِّر في القلب، ويُعْمِيهِ، ويعلِّقه بما يَعْشَقُ، ولا يَحْصُلُ له ذلك،
فَيَبْقَى في عذاب.
وقد
اسْتَشْرَى التَّعلُّقُ بالصُّور في وقتنا من خلال الصور الفاتنة الَّتي تُعْرَضُ
في الجرائد والمجلاَّت، وَأَشَدُّ من ذلك في الفضائيَّات والإنترنت وفي شاشات
التِّليفزيونات وفي النَّدوات والحفلات وفي الاختلاط بين الرِّجال والنِّساء
متجمِّلات متبرِّجات في هذه الوسائل وهذه الأمكنة المختلطة، وَكَأَنَّهَا أَمِنَتِ
الفِتْنَةَ وَذَهَبَتِ الشَّهْوَةُ مِنَ الرِّجَالِ والنِّسَاءِ، وَلَمْ تَذْهَبِ
الشَّهْوَةُ، وَلَمْ تُؤْمَنِ الفِتْنَةُ، بل اشتدَّت، ولكنَّها فَقَدَتِ الغَيْرَةَ،
وَسَرَتْ فِينَا أَخْلاقُ الغَرْبِ والكَفَرَةِ.
قوله:
«ولو سَلِمَ مِنْ فِعْلِ الفَاحِشَةِ
الكبرى...»: فالعَاشِقُ بَيْنَ أَمْرَيْنِ؛ إذا تعلَّق قَلْبُهُ بامرأة لا
تحلُّ له أو بصبيٍّ، فإنَّه بين أمرين: إمَّا أن يقع في الفاحشة الكبرى - والعياذ
بالله - وإمَّا أن يَبْقَى قَلْبُهُ معلَّقًا بهذه الصُّورة دائمًا وأبدًا،
فَيَظَلَّ في عَذَابٍ. وهذا أَشَدُّ ممَّن وَقَعَ في الفاحشة، لأنَّ مَنْ وَقَعَ
في الفاحشة يمكن أن تنتهي رغبته، ويتوب إلى الله عز وجل، لكن من تعلَّق قَلْبُهُ
بِهَذِهِ الصُّوَر والمعشوقات، فإنَّه لا يَتُوبُ، بَلْ يَزِيدُ ذَلِكَ في
قَلْبِهِ، ويؤثِّر فيه.
ولهذا جاء في الحديث: «النَّظْرَةُ سَهْمٌ مِنْ سِهَامِ إِبْلِيسَ مَسْمُومَةٌ...» ([1]): لأنَّه يَقَعُ السُّمُّ في قلبه مِنْ هذا السَّهم، ولا يقع في جِسْمِهِ.
([1]) أخرجه: الحاكم رقم (7875)، والطبراني في «الكبير» رقم (10362).