فَالله يَصْرِفُ عَن عَبْدِهِ مَا يَسُوءُهُ
****
﴿۞وَمَآ أُبَرِّئُ نَفۡسِيٓۚ إِنَّ ٱلنَّفۡسَ
لَأَمَّارَةُۢ بِٱلسُّوٓءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّيٓۚ إِنَّ رَبِّي غَفُورٞ
رَّحِيمٞ﴾ [يوسف: 53]، وفي الأوَّل
كانت قد قالت للنِّساء لمَّا رَأَيْنَ يُوسُفَ وَمَظْهَرَهُ الكريم العَفِيفَ: ﴿فَذَٰلِكُنَّ ٱلَّذِي
لُمۡتُنَّنِي فِيهِۖ وَلَقَدۡ رَٰوَدتُّهُۥ عَن نَّفۡسِهِۦ فَٱسۡتَعۡصَمَۖ وَلَئِن
لَّمۡ يَفۡعَلۡ مَآ ءَامُرُهُۥ لَيُسۡجَنَنَّ وَلَيَكُونٗا مِّنَ ٱلصَّٰغِرِينَ﴾ [يوسف: 32]؛ فقد اعترفت ببراءته وسُوءِ تصرُّفها معه
مرَّتين.
فَفِتْنَةُ
النِّسَاءِ فِتْنَةٌ عظيمة وَأَلِيمَةٌ، واختلاط الرِّجال مع النِّساء تحصل بسببه
فِتَنٌ عظيمة؛ لا سيَّما في هذا الزَّمان الَّذي تمرَّدت فيه النِّساء على الآداب
الشَّرعيَّة، لمَّا تُرِكَ لهنَّ الحَبْلُ على الغارب، بل شُجِّعْنَ على
التَّمرُّد ونزع الحِجَابِ وعلى الاختلاط بالرِّجال، وكُسِرَتِ الحواجز بينهنَّ
وبين الرِّجال.
قوله: «فالله يَصْرِفُ عن عَبْدِهِ مَا يَسُوءُهُ مِنَ المَيْلِ إلى الصُّوَرِ،
والتَّعَلُّقِ بها، وَيَصْرِفُ عنه الفَحْشَاءَ بِإِخْلاصِهِ لله»: كما
خَلَّصَ اللهُ نَبِيَّهُ يُوسُفَ مِنْ كَيْدِ المرأة، وَمِنْ كَيْدِ النِّساء؛
بِسَبَبِ إِخْلاصِهِ لله عز وجل، وإيمانه بالله؛ فقد رغَّبَتْهُ في أوَّل الأمر
وتزيَّنت له ﴿وَرَٰوَدَتۡهُ
ٱلَّتِي هُوَ فِي بَيۡتِهَا عَن نَّفۡسِهِۦ وَغَلَّقَتِ ٱلۡأَبۡوَٰبَ وَقَالَتۡ
هَيۡتَ لَكَۚ﴾ [يوسف: 23]، ولم تؤثِّر فيه
هذه الأشياء، ولمَّا امتنع، استخدمت التَّرهيب فقالت: ﴿وَلَئِن لَّمۡ يَفۡعَلۡ مَآ ءَامُرُهُۥ لَيُسۡجَنَنَّ
وَلَيَكُونٗا مِّنَ ٱلصَّٰغِرِينَ﴾
[يوسف: 32]، فقال يُوسُفُ عليه السلام: ﴿رَبِّ ٱلسِّجۡنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدۡعُونَنِيٓ
إِلَيۡهِۖ﴾ [يوسف: 33]؛ فَصَبَرَ على
السِّجْنِ عليه السلام ابْتِعَادًا عن المَرْأَةِ وَفِتْنَتِهَا.