«وَإِذَا شِيكَ فَلاَ انْتَقَشَ؛ إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ، وَإِنْ مُنِعَ
سَخِطَ» ([1]). فَسَماهُ
النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَبْدَ الدِّرْهَمِ، وَعَبْدَ الدِّينَارِ،
وَعَبْدَ القَطِيفَةِ، وَعَبْدَ الخَمِيصَةِ. وَذكَرَ مَا فِيهِ دُعَاءٌ وَخَبَرٌ،
وَهُوَ قَوْلُهُ: «تَعِسَ وَانْتَكَسَ، وَإِذَا شِيكَ، فَلاَ انْتَقَشَ»، وَالنَّقْشُ
إِخْرَاجُ الشَّوْكَة من الرِّجْلِ، والمِنْقَاشُ مَا يُخْرَجُ بِهِ الشَّوْكَةُ،
وَهَذِه حَالُ مَنْ إِذَا أَصَابَهُ شَرٌّ، لم يَخْرُجْ مِنْهُ، وَلَمْ يُفْلِحْ؛
لِكَوْنِهِ تَعِسَ وَانْتَكَسَ؛ فَلاَ نَالَ الْمَطْلُوبَ وَلاَ خَلَصَ مِنَ
الْمَكْرُوهِ،
****
قوله صلى الله عليه وسلم: «وَإِذَا شِيكَ»، أَيْ: أَصَابَتْهُ
شَوْكَةٌ. «فَلا انْتَقَشَ»؛أَيْ: لا
يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِ الشَّوكة من رِجْلِهِ؛ فهذا دعاء من الرَّسول صلى الله عليه
وسلم عليه بالعَجْزِ.
قوله
صلى الله عليه وسلم: «إِنْ
أُعْطِيَ رَضِيَ، وَإِنْ مُنِعَ سَخِطَ»، هَذَا سَبَبُ دُعَاءِ النَّبيِّ صلى
الله عليه وسلم عَلَيْهِ؛ أَنَّ سَخَطَهُ وَرِضَاهُ مِنْ أَجْلِ الدُّنْيَا؛
يُحِبُّ مِنْ أَجْلِهَا، وَيُبْغِضُ مِنْ أَجْلِهَا، ولا يُحِبُّ مِنْ أَجْلِ
الإيمان، ولا يُبْغِضُ مِنْ أَجْلِ الكُفْرِ والمَعَاصِي.
قوله:
«فسمَّاه النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم
عَبْدَ الدِّرْهَمِ وَعَبْدَ الدِّينار وَعَبْدَ القَطِيفَةِ وَعَبْدَ الخَمِيصَةِ»:
فَدَلَّ على أنَّ العبوديَّة قد تَكُونُ للمَخْلُوقَاتِ؛ إمَّا عبوديَّة عامَّة،
أو عبوديَّة خاصَّة.
قوله: «والنَّقْشُ إِخْرَاجُ الشَّوكة مِنَ الرِّجْلِ»: يَعْنِي: يُصَابُ بِالعَجْزِ. وَهَذَا دُعَاءٌ عَلَيْهِ.