وَهَذِه حَالُ مَنْ عَبَدَ المَالَ، وَقد وُصِفَ
ذَلِك بِأَنَّهُ «إِذَا أُعْطِيَ رَضِيَ، وَإِذَا مُنِعَ سَخِطَ»، كَمَا قَالَ
تَعَالَى: ﴿وَمِنۡهُم مَّن
يَلۡمِزُكَ فِي ٱلصَّدَقَٰتِ فَإِنۡ أُعۡطُواْ مِنۡهَا رَضُواْ وَإِن لَّمۡ
يُعۡطَوۡاْ مِنۡهَآ إِذَا هُمۡ يَسۡخَطُونَ﴾ [التوبة: 58]؛
فَرِضَاهُمْ لِغَيْرِ اللهِ، وَسَخَطُهُمْ لِغَيْرِ اللهِ.
****
قوله:
«وهذه حَالُ مَنْ إذا أصابه شَرٌّ، لم
يَخْرُجْ مِنْهُ، وَلَمْ يُفْلِحْ؛ لِكَوْنِهِ تَعِسَ، وَانْتَكَسَ»: أي أنَّ
معنى الحديث أنَّه إذا أصابه الشَّرُّ لا يستطيع الخُرُوجَ منه، بِسَبَبِ أنَّه
صَارَ عبدًا للدِّينار والدِّرهم والقَطِيفَةِ والخَمِيصَةِ.
قَوْلُهُ:
«فلا نَالَ المَطْلُوبَ»: أَيْ: مَا
حَصَلَ على الدِّينار والدِّرهم والقَطِيفَةِ والخَمِيصَةِ.
«ولا خَلَصَ مِنَ المَكْرُوهِ»:
أَيْ: لم يَسْلَمْ مِنْ شَرِّ العبوديَّة لِغَيْرِ الله عز وجل، وَلِذَلِكَ تَعِسَ،
وَانْتَكَسَ.
فَهَذَا
فِيهِ التَّحْذِيرُ مِنْ تَعَلُّقِ قلب المؤمن بالدُّنيا، لها يَرْضَى، ولها
يَغْضَبُ، إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ، وَإِنْ لَمْ يُعْطَ سَخِطَ، والآَيَةُ فِي وَصْفِ
المُنَافِقِينَ: ﴿وَمِنۡهُم
مَّن يَلۡمِزُكَ فِي ٱلصَّدَقَٰتِ فَإِنۡ أُعۡطُواْ مِنۡهَا رَضُواْ وَإِن لَّمۡ
يُعۡطَوۡاْ مِنۡهَآ إِذَا هُمۡ يَسۡخَطُونَ﴾
[التوبة: 58]؛ فَرِضَاهُمْ وَسَخَطُهُم لأَجْلِ الدُّنيا، وليس من أَجْلِ الدِّين،
والواجب أن يَرْضَى المؤمن وَيَغْضَبَ لأَجْلِ دِينِهِ، أمَّا الدُّنيا، فَإِنْ
جَاءَتْ مِنْ طَرِيقِ حَلالٍ، أَخَذَهَا، وَاسْتَعَانَ بها على طاعة الله، وَإِنْ
لَمْ تَأْتِ، لم يُعَلِّقْ قَلْبَهُ بها.
قوله:
«وهذه حَالُ مَنْ عَبَدَ المال»؛ لأنَّ
هناك من النَّاس من يعبدون المال؛ ولذلك يقدِّمونه على طَاعَةِ اللهِ عز وجل،
وَتَجِدُهُمْ دائمًا في