×
شرح كتاب العبودية

ولكنَّ الله بَيَّنَ الحَقَّ، وَبَيَّنَ كَذِبَهَا، بِعَلامَةٍ في قميصه، وهو أنَّه لمَّا هرب، أمسكت قميصه، فانشقَّ بيدها من خَلْفِهِ، وألقت التُّهْمَةَ عليه؛ ﴿وَٱسۡتَبَقَا ٱلۡبَابَ وَقَدَّتۡ قَمِيصَهُۥ مِن دُبُرٖ وَأَلۡفَيَا سَيِّدَهَا لَدَا ٱلۡبَابِۚ قَالَتۡ مَا جَزَآءُ مَنۡ أَرَادَ بِأَهۡلِكَ سُوٓءًا إِلَّآ أَن يُسۡجَنَ أَوۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ ٢٥قَالَ هِيَ رَٰوَدَتۡنِي عَن نَّفۡسِيۚ وَشَهِدَ شَاهِدٞ مِّنۡ أَهۡلِهَآ إِن كَانَ قَمِيصُهُۥ قُدَّ مِن قُبُلٖ فَصَدَقَتۡ وَهُوَ مِنَ ٱلۡكَٰذِبِينَ ٢٦ يريد أن يكذِّبها،؛﴿وَشَهِدَ شَاهِدٞ مِّنۡ أَهۡلِهَآ إِن كَانَ قَمِيصُهُۥ قُدَّ مِن قُبُلٖ فَصَدَقَتۡ أي: إن كان الشَّقُّ مِنَ الأَمَامِ، فهي صادقة؛ لأنَّه أَقْبَلَ يُرِيدُهَا، فَدَفَعَتْهُ حتَّى انْشَقَّ ثَوْبُهُ، ﴿وَإِن كَانَ قَمِيصُهُۥ قُدَّ مِن دُبُرٖ فَكَذَبَتۡ وَهُوَ مِنَ ٱلصَّٰدِقِينَ [يوسف: 27]؛ أَيْ: إن كان الشَّقُّ مِنَ الخلف، فهي كاذبة، وهو الصَّادق؛ لأنَّهَا جَذَبَتْهُ وهو مُدْبِرٌ عنها.

﴿فَلَمَّا رَءَا قَمِيصَهُۥ قُدَّ مِن دُبُرٖ قَالَ إِنَّهُۥ مِن كَيۡدِكُنَّۖ إِنَّ كَيۡدَكُنَّ عَظِيمٞ [يوسف: 28]، فأكذبها الله سبحانه وتعالى وَبَيَّنَ صِدْقَ يُوسُفَ عليه الصلاة والسلام والسَّبب في ذلك هو إخلاصه لله عز وجل فهو الَّذي فرَّج عنه عند الشِّدَّة، وَخَلَّصَهُ مِنْ هذه التُّهْمَةِ، وعند ذلك قالوا: ﴿يُوسُفُ أَعۡرِضۡ عَنۡ هَٰذَاۚ وَٱسۡتَغۡفِرِي لِذَنۢبِكِۖ إِنَّكِ كُنتِ مِنَ ٱلۡخَاطِ‍ِٔينَ [يوسف: 29].

والشَّاهِدُ: أَنَّ اللهَ قال: ﴿كَذَٰلِكَ لِنَصۡرِفَ عَنۡهُ ٱلسُّوٓءَ وَٱلۡفَحۡشَآءَۚ إِنَّهُۥ مِنۡ عِبَادِنَا ٱلۡمُخۡلَصِينَ [يوسف: 24]؛ فالله جل وعلا خَلَّصَهُ، ونجَّاه، وَصَرَفَ عنه السُّوءَ، والفَحْشَاءَ، فَصَرَفَ عَنْهُ الأَمْرَيْنِ، ثمَّ عَلَّلَ - سُبْحَانَهُ - ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: ﴿إِنَّهُۥ مِنۡ عِبَادِنَا ٱلۡمُخۡلَصِينَ.


الشرح