×
شرح كتاب العبودية

قَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّ ٱلصَّلَوٰةَ تَنۡهَىٰ عَنِ ٱلۡفَحۡشَآءِ وَٱلۡمُنكَرِۗ وَلَذِكۡرُ ٱللَّهِ أَكۡبَرُۗ [العنكبوت: 45]؛ فَإِنَّ الصَّلاَةَ فِيهَا دَفْعٌ للمَكْرُوه؛ وَهُوَ الْفَحْشَاءُ وَالْمُنْكَرُ،

****

وهذا مَعْنَى قَوْلِهِ: «فإذا ذَاقَ طَعْمَ الإخلاص وَقَوِيَ في قَلْبِهِ، انْقَهَرَ لَهُ هَوَاهُ بِلا عِلاجٍ»: كَمَا حَصَلَ لِيُوسُفَ عليه السلام في هذا المَوْقِفِ الصَّعب.

 قال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم وهذا أَمْرٌ لجميع الأمة: ﴿ٱتۡلُ مَآ أُوحِيَ إِلَيۡكَ مِنَ ٱلۡكِتَٰبِ وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَۖ [العنكبوت: 45]، ثمَّ بيَّن فائدة الصَّلاة فقال سبحانه: ﴿إِنَّ ٱلصَّلَوٰةَ تَنۡهَىٰ عَنِ ٱلۡفَحۡشَآءِ وَٱلۡمُنكَرِۗ وَلَذِكۡرُ ٱللَّهِ أَكۡبَرُۗ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ مَا تَصۡنَعُونَ [العنكبوت: 45]؛ لأنَّ المقصود من تلاوة الكتاب ليس التَّرنُّم باللفظ والتَّغنِّي بالقرآن وتحسين الصَّوت والتَّرتيل، فهذه وسيلة، وأمَّا الغاية فهي العبادة، ولهذا قال: ﴿وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَۖ والصلاة أعظم أنواع العبادة؛ لأنَّها تمتاز عن غيرها من العبادات بهاتين الميزتين:

الأولى: كَوْنُهَا تنهى عن الفحشاء والمنكر: فالصَّلاة تنهى عن الفحشاء؛ لأنَّ الَّذي يلازم الصَّلاة وطاعة الله ومناجاة الله جل وعلا، فإنَّ صلاته تُبْعِدُهُ عن الوُقُوعِ في الفحشاء، وهي المعصية القبيحة، والمُنْكَرُ عُمُومًا، فتجد المصلِّين يمتازون على غيرهم بالاستقامة، والمحافظة على الدِّين؛ لأنَّ الصَّلاةَ تُورِثُ في قلوبهم خَشْيَةَ الله سبحانه وتعالى وَمَحَبَّتَهُ.

وأمَّا من أضاع الصَّلاة، فإنَّه يَضِيعُ، وتَضِيعُ نَفْسُهُ، ويكون مع هواه؛ فالصَّلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، وهذه فائدة عظيمة.

والفائدة الثانية في الصَّلاة ذكر الله: لأنَّها تَشْتَمِلُ على الذِّكر بالقول وبالفعل؛ فالصَّلاة كلُّها ذِكْرٌ لله عز وجل، والذِّكْرُ يُحْيِي القلب ويُنِيرُه؛


الشرح