×
شرح كتاب العبودية

وفيهَا تَحْصِيل المَحْبُوب؛ وَهُوَ ذِكْرُ الله، وَحُصُولُ هَذَا المَحْبُوبِ أَكْبَرُ مِنْ دَفْعِ الْمَكْرُوهِ؛ فَإِنَّ ذِكْرَ الله عِبَادَةٌ لله، وَعِبَادَةُ الْقلب لله مَقْصُودَةٌ لِذَاتِهَا. وَأمَّا اندفاع الشَّرِّ عَنهُ، فَهُوَ مَقْصُودٌ لِغَيْرِهِ على سَبِيلِ التَّبَعِ.

وَالْقلبُ خُلِقَ يُحِبُّ الْحَقَّ، ويُرِيدُه، وَيَطْلُبُهُ. فَلَمَّا عَرَضَتْ لَهُ إِرَادَةُ الشَّرِّ، طَلَبَ دَفْعَ ذَلِكَ؛ فَإِنَّه يُفْسِدُ الْقَلْبَ، كَمَا يَفْسَدُ الزَّرْعَ بِمَا يَنْبُتُ فِيهِ مِنَ الدَّغل، وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: ﴿قَدۡ أَفۡلَحَ مَن زَكَّىٰهَا ٩وَقَدۡ خَابَ مَن دَسَّىٰهَا ١٠ [الشمس: 9- 10]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿قَدۡ أَفۡلَحَ مَن تَزَكَّىٰ ١٤وَذَكَرَ ٱسۡمَ رَبِّهِۦ فَصَلَّىٰ ١٥ [الأعلى: 14- 15]،

****

وقوله: «وفيها تَحْصِيلُ المحبوب، وهو ذِكْرُ الله»: أي: ذِكْرُ الله بالقَوْلِ والعمل واللِّسان والقلب.

قوله: «وَحُصُولُ هذا المَحْبُوبِ أَكْبَرُ من دفع المكروه»: ذِكْرُ الله الَّذي في الصَّلاة أَكْبَرُ من النَّهي عن الفحشاء والمنكر، وأعلى درجة، وكلاهما عظيم، لكن الأعمال تتفاوت.

وقوله: «وعبادة القلب لله مقصودةٌ لذاتها. وأمَّا اندفاع الشَّرِّ عنه فَهُوَ مقصودٌ لِغَيْرِهِ على سبيل التَّبَعِ»: تَرْكُ المحرَّمات والمعاصي والمنكرات هذه وسيلة للغاية، والغاية هي عبادة الله وَحْدَهُ لا شَرِيكَ له.

 قوله: «والقلب خُلِقَ يُحِبُّ الحَقَّ ويريده وَيَطْلُبُه»: الأصل أنَّ القلب مَفْطُورٌ على محبَّة الله وعبادته، هذا هو الأصل، وإنَّما يكون الانحراف لِسَبَبٍ عارض:

إمَّا التَّربية السَّيِّئة، كما قال صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الفِطْرَةِ،


الشرح