×
شرح كتاب العبودية

﴿وَقَدۡ خَابَ مَن دَسَّىٰهَا أَيْ: دَسَّهَا بالمعاصي والذُّنوب؛ دنَّسها ودسَّها في التراب بَدَلَ أَنْ يَرْفَعَهَا بالعبادة؛ فالإنسان هو الَّذي يضع نفسه؛ إمَّا في مَوْضِعِ الرَّدَى، وإمَّا في مَوْضِعِ الهُدَى، والإنسان حيث وَضَعَ نفسه. قال الشَّاعر:

وَمَا المَرْءُ إِلاَّ حَيْثُ يَجْعَلُ نَفْسَهُ **** فَكُنْ طَالِبًا فِي النَّاسِ أَعْلَى المَرَاتِبِ

والله أَسْنَدَ إليه توجيهها فقال: ﴿قَدۡ أَفۡلَحَ مَن زَكَّىٰهَا؛ فهو الَّذي يزكِّيها، ﴿وَقَدۡ خَابَ مَن دَسَّىٰهَا هو الَّذي يدسِّيها بأفعاله وتصرُّفاته.

وَتَزْكِيَةُ النَّفس على قِسْمَيْنِ:

تزكية مأمور بها، مطلوبة؛ وهي تزكيتها بالطَّاعة والعبادة؛ ﴿قَدۡ أَفۡلَحَ مَن زَكَّىٰهَا.

وتزكية مذمومة؛ وهي مَدْحُ النَّفْسِ، والإعجاب بها. قال تعالى: ﴿فَلَا تُزَكُّوٓاْ أَنفُسَكُمۡۖ هُوَ أَعۡلَمُ بِمَنِ ٱتَّقَىٰٓ [النجم: 32]، وقال: ﴿أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمۚ بَلِ ٱللَّهُ يُزَكِّي مَن يَشَآءُ وَلَا يُظۡلَمُونَ فَتِيلًا [النساء: 49].


الشرح