×
شرح كتاب العبودية

وَقَالَ تَعَالَى: ﴿قُل لِّلۡمُؤۡمِنِينَ يَغُضُّواْ مِنۡ أَبۡصَٰرِهِمۡ وَيَحۡفَظُواْ فُرُوجَهُمۡۚ ذَٰلِكَ أَزۡكَىٰ لَهُمۡۚ [النور: 30]

وَقَالَ: ﴿وَلَوۡلَا فَضۡلُ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ وَرَحۡمَتُهُۥ مَا زَكَىٰ مِنكُم مِّنۡ أَحَدٍ أَبَدٗا [النور: 21]، فَجَعَلَ سُبْحَانَهُ غَضَّ الْبَصَر وَحفظ الْفرج هُوَ أَزْكى للنَّفس،

****

  وَقَوْلُهُ تعالى: ﴿قُل أيُّهَا الرَّسول، ﴿لِّلۡمُؤۡمِنِينَ أي: بَلِّغْهُم عن الله جل وعلا، أن ﴿يَغُضُّواْ مِنۡ أَبۡصَٰرِهِمۡ؛ أي: يغضُّوا أبصارهم عن المحرَّمات، فلا يُتْبِعُ الإنسان نَظَرَهُ إلى المحرَّمات؛ لأنَّ ذلك يَجُرُّ عليه الوَبَالَ.

وقال تعالى: ﴿يَغُضُّواْ مِنۡ أَبۡصَٰرِهِمۡ، ولم يَقُلْ: «يغضوا أبصارهم»؛ لأنَّه ليس مَطْلُوبًا من المؤمن أن يُغْمِضَ عينيه، بل المطلوب أن يَنْظُرَ ببصره إلى ما يحتاج النَّظر إليه؛ إلى طريقه، وإلى الحوائج الَّتي يريدها من المباحات، وإنَّما يَغُضُّ بَصَرَهُ عن المحرَّمات فقط.

 ثمَّ قَالَ: ﴿وَيَحۡفَظُواْ فُرُوجَهُمۡۚ؛ لأنَّ غَضَّ البصر وسيلة لحفظ الفرج، وَعَدَمُ غَضِّ البصر وسيلة للوقوع في الفواحش؛ فالنَّظر المحرَّم بريد إلى المعصية، وَسَهْمٌ مسموم كما وصفه النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «سَهْمٌ مَسْمُومٌ مِنْ سِهَامِ إِبْلِيسَ» ([1])؛ ولا بُدَّ للسَّهم الذي يُطْلَقُ من الرَّمْيَةِ مِنْ إصابة، وَسَهْمُ النَّظر يصيب القلب، وَيَجْلِبُ له الفَسَادَ.


الشرح

([1])  أخرجه: الحاكم رقم (7875)، والطبراني في «الكبير» رقم (10362).