وَبَيَّنَ أَنَّ ترك الْفَوَاحِش من زَكَاة
النُّفُوس، وَزَكَاة النُّفُوس تَتَضَمَّن زَوَال جَمِيع الشُّرور؛ من الْفَوَاحِش
وَالظُّلم والشِّرك وَالْكَذِبِ وَغير ذَلِك.
وَكَذَلِكَ
طَالِبُ الرِّئَاسَة
****
الذين استمعوا إلى المنافقين، وانطلى عليهم هذا
الإفك -والعياذ بالله- بَيَّنَ - سُبْحَانَهُ - أنَّه المتفضِّل بحفظ المؤمنين من
الوقوع في المواقف القذرة الَّتي يدعو إليها المنافقون وأصحاب الخلاعة والمجون؛
فالمؤمن كما يصون بَصَرَهُ عن الحرام، يَصُونُ سَمْعَهُ عن استماع الكلام
المحرَّم.
فالعَبْدُ
يبتعد عن إطلاق البصر إلى ما حرَّم الله، وعن سماع الكلام المحرَّم، والله جل وعلا
يزكِّيه بذلك؛ ﴿وَلَٰكِنَّ
ٱللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَآءُۗ﴾؛
فالعَبْدُ يزكِّي نفسه بفعل الأسباب، والله يزكِّيه بمنعه، وَحِفْظِهِ من الوقوع
فيما لا يجوز.
قوله:
«وبيَّن أَنَّ تَرْكَ الفواحش مِنْ
زَكَاةِ النُّفُوسِ»: وَتَرْكُهَا مِنْ قِبَلِ العبد؛ فهو يزكِّي نفسه بذلك،
ثمَّ الله جل وعلا يُوَفِّقُهُ ويزكِّيه ويمنعه ويطهِّره من هذه الأمور.
إنَّما
تُزكَّى النُّفوس بالطَّاعة، وترك المعصية؛ فَتَزْكِيَةُ النُّفوس تَكُونُ بطاعة
الله وتوحيده وعبادته وفعل ما يرضاه، وترك ما نهى الله عنه من الشِّرْكِ، وسائر
المعاصي، والكبائر، والصَّغائر.
* عاد الشَّيخ رحمه الله إلى سِيَاقِ كلامه الأوَّل؛ بأنَّ الإنسان يكون رقيقًا لرغبته، وهواه؛ ولذلك يخضع ويذلُّ لمطامعه، وإن كانت تضرُّه، ويخضع أيضًا لمن يُعِينُهُ على مطامعه، ويكون رقيقًا له، حتَّى ولو كان مَلِكًا أو رَئِيسًا؛ فإنَّه يَخْضَعُ لِخَدَمِهِ وأعوانه الَّذين يعينونه على ما يريد.