والعلو فِي الأَرْض قَلْبُهُ رَقِيقٌ لمن يُعينهُ
عَلَيْهَا وَلَو كَانَ فِي الظَّاهِر مُقَدَّمَهُم والمُطَاعَ فيهم؛ فَهُوَ فِي
الْحَقِيقَة يَرْجُوهُم، ويخافهم، فيبذل لَهُم الأَْمْوَالَ والوِلايَات، ويعفو
عنهم ليطيعوه، ويُعِينُوه؛ فَهُوَ فِي الظَّاهِر رَئِيسٌ مُطَاعٌ، وَفِي
الْحَقِيقَة عَبْدٌ مُطِيعٌ لَهُم، وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ كِلاَهُمَا فِيهِ
عُبُودِيَّةٌ للآْخَرِ،
****
فهو
وإن كان في الظَّاهر سيِّدًا لهم، لكنَّه رقيق لهم يَلْتَمِسُ رضاهم، ولا يريد أن
يبتعدوا عنه؛ لأنَّه يستخدمهم لأغراضه وأهوائه، وهم يتسلَّطون عليه ويتهدَّدونه
بِهَجْرِهِ وَتَرْكِهِ والبُعْدِ عنه إن لم يحقِّق لهم رغباتهم.
قوله:
«وكذلك طالب الرِّئاسة»: طالب رئاسة
يريد أن يحصل على الرِّئاسة بأيِّ ثَمَنٍ.
قوله:
«قَلْبُهُ رَقِيقٌ لِمَنْ يُعِينُهُ
عَلَيْهَا»: أي: عَلَى الحصول على الرِّئاسة والعُلُوِّ في الأرض؛ يريد ذلك
بأيِّ وَسِيلَةٍ، ولو أدَّى ذلك إلى أن يَذِلَّ ويخضع للنَّاس، وللخَدَمِ،
ولرجاله، ولحاشيته، ولرعيَّته، وَشَعْبِهِ؛ كَمَنْ يَسْتَأْجِرُونَ مَنْ يُصَوِّتُ
لهم في الانتخابات اليوم.
قوله:
«وَلَوْ كَانَ فِي الظَّاهِرِ
مُقَدَّمَهُمْ»: فهو في الظَّاهر رئيسهم ومَلِكَهم، ولكنَّه في الباطن رقيق
لهم مأسور لهم، يراعيهم ويرغِّبهم في خدمته.
قوله:
«فَهُوَ فِي الحقِيقَةِ يُرْجُوهُمْ
وَيَخَافُهُمْ فَيَبْذُلُ لُهمْ الأَْمْوَالَ وَالْوِلاَيَاتِ»: يَبْذُلُ لهم
الأموال ويعطيهم الرَّواتب الضَّخمة والأعطيات ويولِّيهم في الوظائف الكبيرة من
أجل أن يحقِّقوا له رغباته ومطامعه، كمن يشترون الأصوات في الانتخابات.