×
شرح كتاب العبودية

قوله: «وَيَعْفُو عَنْهُمْ لِيُطِيعُوهُ، وَيُعِينُوهُ»: أي: قد يخطئون، فيعفو عن ذلك مِنْ أَجْلِ أن يتألَّفهم لخدمته، وتحقيق رغباته، فيصبر على ما يَكْرَهُ منهم من أجل هذا. ولا يُقِيمُ الحَقَّ عليهم إذا وَجَبَ عليهم حَقٌّ لله أَوْ لِخَلْقِهِ.

قوله: «فَهُوَ فِي الظَّاهِرِ رَئِيسٌ مُطَاعٌ، وَفِي الحقِيقَةِ عَبْدٌ مُطِيعٌ لُهمْ»: لأنَّه لو لم يُطِعْهُم فيما يريدون، لَنَفَرُوا منه، وهو لا يستطيع أن يحقِّق مطامعه إلاَّ بهم.

قوله: «وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ كِلاَهُمَا فِيهِ عُبُودِيَّةٌ لِلآْخَرِ»: فالحاشية فيها عبوديَّة لرئيسها؛ لأنَّه يحقِّق لهم مَطَامِعَهُمْ ووظائفهم، ومعطياتهم، والرَّئيس رقيق للحاشية؛ لأنَّها تحقِّق له الرِّئاسة والعلوَّ في الأرض؛ فَكُلُّ طَرَفٍ رَقِيقٌ للآخَر؛ ولهذا يقول الشَّاعر:

النَّاسُ لِلنَّاسِ مِنْ بَدْو ٍوَحَاضِرَة **** بَعْضٌ لِبَعْضٍ وَإِنْ لَمْ يَشْعُرُوا خَدَمُوا

 فالملك يَخْدِمُ الحاشية، والحاشية تَخْدِمُهُ.


الشرح