وَهَكَذَا أَيْضًا طَالِبُ المَالِ؛ فَإِنَّ ذَلِك
يَسْتَعْبِدُهُ وَيَسْتَرِقُّهُ.
قال الشَّيْخُ:
وَهَذِه الأُْمُورُ نَوْعَانِ:
****
فيما يَقْدِرُونَ عليه، وفيما لا يُغْضِبُ الله،
أو يَكُونُ فيه ظُلْمٌ للآخَرِينَ.
قوله:
«وَإِذَا كَانَ تَعَاوُنُهُما عَلَى
الْعُلُوَّ فِي الأَْرْضِ بِغَيْرِ الحقَّ، كَانَا بِمَنْزِلَةِ المُتَعَاوِنَيْنِ
عَلَى الْفَاحِشَةِ»: إذا كان التَّعاون بين الرَّاعي والرَّعيَّة والعلوُّ في
الأرض يُفْعَلُ فيه شَيْءٌ من المحرَّمات، أو يُتْرَكُ فِيهِ شَيْءٌ من الواجبات،
فهو تَعَاوُنٌ على الإثم والعُدْوَانِ.
قوله: «وَهَكَذَا أَيْضًا طَالِبُ المَالِ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ يَسْتَعْبِدُهُ
وَيَسْتَرِقُّهُ»: إذا تعلَّق قَلْبُهُ بالمال وحبِّ المال، فإنَّ هَمَّهُ في
تَحْصِيلِ المال بأيِّ وسيلة - مِنْ حَلالٍ أَوْ مِنْ حَرَامٍ بالسَّرقة وبالقمار
والميسر وبالرِّشوة وببيع المخدِّرات وبأيِّ وسيلة - لأنَّه يُحِبُّ المَالَ؛
فَهُوَ عَبْدٌ للمال والعِيَاذُ بالله؛ ولذلك يطلب المال بما يُسْخِطُ الله تعالى،
وبأيِّ وسيلة.
أمَّا
المؤمن فهو وإن كان يُحِبُّ المال كما قال تعالى: ﴿وَتُحِبُّونَ ٱلۡمَالَ حُبّٗا جَمّٗا﴾ [الفجر: 20]، ولكنَّه لا يقدِّم محبَّة المال على
محبَّة الله سبحانه وتعالى فإذا تَعَارَضَتْ مَحَبَّةُ المال مع محبَّة الله،
فإنَّه يقدِّم محبَّة الله.
ولذلك
يَتْرُكُ المحرَّمات؛ يترك الرِّبا، يترك الخَدِيعَةَ والكذب، يترك المَيْسِرَ
والقِمَارَ، يترك المَكَاسِبَ المحرَّمة؛ فلا يحمله حُبُّ المال على هذه الأمور،
وإنَّمَا يقتنع بالمكاسب المباحة الطَّيِّبة، ولو كانت قليلة؛ فإنَّ الله
يُبَارِكُ فيها.