×
شرح كتاب العبودية

أمَّا المكاسب المحرَّمة وإن كانت كثيرة، إلاَّ أنَّها منزوعة البَرَكَة، قال تعالى: ﴿يَمۡحَقُ ٱللَّهُ ٱلرِّبَوٰاْ وَيُرۡبِي ٱلصَّدَقَٰتِۗ [البقرة: 276].

فقد يَجْمَعُ الإنسان الأموال الطَّائلة ولا ينتفع منها؛ لا في دِينِهِ، ولا في دُنْيَاهُ، ولا في آَخِرَتِهِ، وإنَّمَا يَتْعَبُ في جَمْعِهَا فقط، وَيَتْرُكُهَا لِغَيْرِهِ.

فليس المهمُّ أن يَجْمَعَ الإنسانُ الأَمْوَالَ، بل المُهِمُّ كيفيَّة جمع الأموال، ومن أيِّ طريق؛ فالَّذي يَقْنَعُ بما أَحَلَّ اللهُ، يُبَارِكُ اللهُ له، وينمِّي مَالَهُ، ويُغْنِي قَلْبَهُ، وَيَسْعَدُ بماله، وَيُنْفِقُ في سبيل الله، وأمَّا العكس فإنَّه إنَّما يكون مجرَّد آلة تَجْمَعُ الأشياء، ولا تَنْتَفِعُ بها.

قوله: «وَهَذِهِ الأُْمُورُ نَوْعَانِ»: أي: الأموال على قسمين:

الأوَّل: قسم يحتاجه العَبْدُ، فهذا لا لَوْمَ عليه إذا سَعَى في طَلَبِهِ وَتَحْصِيلِهِ مِنَ الحلال، بل هو مَأْجُورٌ على هذا، وقد قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «وَلاَ تُلاَمُ عَلَى كَفَافٍ» ([1]).

الثاني: فُضُولُ المال الزَّائدة عن الحاجة، لا ينبغي للعبد أن يتعلَّق بها بحيث إذا حَصَلَتْ له رَضِيَ، وإن لم يَحْصُلْ له سَخِطَ.


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (1036).