×
شرح كتاب العبودية

بل بِمَنْزِلَة الكَنِيفِ الَّذِي يقْضي فِيهِ حَاجته من غير أَن يستعبده، فَيكون هلوعًا إِذا مَسَّه الشَّرُّ جزوعًا؛ وَإِذا مَسَّه الْخَيْر منوعًا.

وَ«مِنْهَا»: مَا لاَ يحْتَاج العَبْدُ إِلَيْهِ؛ فَهَذَه لاَ يَنْبَغِي لَهُ أَن يعلِّق قَلْبَهُ بِهِا؛

****

قوله: «فَيَكُونُ المالُ عِنْدَهُ يَسْتَعْمِلُهُ فِي حَاجَتِهِ بِمَنْزِلَةِ حِمَارِهِ الَّذِي يَرْكَبُهُ..»: أي: يَكُونُ المَالُ خَادِمًا لك، ووسيلة تستعملها مثل المركوب الَّذي تركبه، مثل الفراش الذي يجلس وينام عليه؛ فهو بحاجة إلى هذه الأمور؛ لأنَّ الإنسان بحاجة إلى ما يُؤَمِّنُ له حياته من المال الحلال، وقد جعل الله جل وعلا في الحلال غُنْيَةً عن الحرام.

قوله: «بَلْ بِمَنْزِلَةِ الْكَنِيفِ الَّذِي يَقْضِي فِيهِ حَاجَتَهُ»: أي: لا يعلِّق قَلْبَهُ بالمال، بل يعتبره لحاجته مِثْلَ الكَنِيفِ؛ وهو مَحَلُّ قَضَاءِ الحاجة؛ فالإنسان بِحَاجَةٍ إلى هَذِهِ الأمور، بحاجة إلى أن يَبْنِي كَنِيفًا، وَدَوْرَةَ مِيَاهٍ؛ لِيَقْضِي فيها حاجته، بحاجة إلى أن يبني غُرْفَةٍ يجلس فيها وينام فيها. كُلُّ هذا مِنْ حَوَائِجِهِ.

قوله: «مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْتَعْبِدَهُ»: أي: مِنْ غَيْرِ أن يَسْتَعْبِدَهُ المَالُ، فَيَطْلُبَهُ من أيِّ وَسِيلَةٍ، وَيَنْسَى رِضَا الله سبحانه وتعالى فَيَكُونَ هَلُوعًا؛ قال تعالى: ﴿۞إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ خُلِقَ هَلُوعًا ١٩إِذَا مَسَّهُ ٱلشَّرُّ جَزُوعٗا ٢٠وَإِذَا مَسَّهُ ٱلۡخَيۡرُ مَنُوعًا ٢١ [المعارج: 19- 21]، ثمَّ قال جل وعلا: ﴿إِلَّا ٱلۡمُصَلِّينَ[المعارج: 22].

فالمصلُّون كما قال الله جل وعلا: ﴿إِنَّ ٱلصَّلَوٰةَ تَنۡهَىٰ عَنِ ٱلۡفَحۡشَآءِ وَٱلۡمُنكَرِۗ [العنكبوت: 45]؛ فالصَّلاة تَنْهَى عن الهَلَعِ، وَطَلَبِ المال من غير حِلِّهِ، ومن غَيْرِ وَجْهِهِ؛ فَهِيَ تَنْهَى عن الفَحْشَاءِ والمُنْكَرِ.


الشرح