وقوله: ﴿وَإِذَا مَسَّهُ ٱلۡخَيۡرُ مَنُوعًا﴾؛ أَيْ: إذا مَسَّهُ الخَيْرُ - وهو المَالُ والغِنَى -
مَنَعَ مَا أَوْجَبَ اللهُ عَلَيْهِ مِنَ الزَّكاة، وَمِنَ الحُقُوقِ.
﴿إِذَا مَسَّهُ ٱلشَّرُّ جَزُوعٗا﴾؛ أَيْ: إذا مَسَّهُ الشَّرُّ - وهو الفَقْرُ والحَاجَةُ
- فَإِنَّهُ يَجْزَعُ وَيَسْخَطُ، ولا يَقُولُ: هذا من عِنْدِ الله وَمِنْ قَضَاءِ
الله وَقَدَرِهِ. وَيَرْضَى؛ لأنَّه يَعْبُدُ المَالَ.
·
أمور
الدنيا تنقسم إلى قسمين:
القسم
الأول: مَا يَحْتَاجُهُ العَبْدُ من هذه الدُّنيا مِنَ المال
والزَّوجة والأولاد، فهذا لا لَوْمَ عليه إذا طَلَبَهُ مِنْ وَجْهِهِ، وَمِنْ
حِلِّهِ، بل هو مَأْمُورٌ بذلك.
القسم الثاني: ما يزيد عن حاجته، فهذا يطلبه من حِلِّهِ، ولكن لا يعلِّق قلبه به، فيكون عَبْدًا له، كمن قال فيه الرَّسولُ صلى الله عليه وسلم: «تَعِسَ عَبْدُ الدِّرْهَمِ، تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ، تَعِسَ عَبْدُ الْقَطِيفَةِ؛ تَعِسَ عَبْدُ الخمِيصَةِ» ([1])؛ لأنَّه ليس بحاجة إليه، فلا يعلِّق قَلْبَهُ به، بل إِنْ جاء فالحمد لله وهو عَوْنٌ على الخير، وإن لم يَأْتِ، فلا يكون هذا أَكْبَرَ هَمِّهِ وَغَايَةَ قَصْدِهِ، له يُحِبُّ وله يُبْغِضُ، وَيُوَالِي وَيُعَادِي مِنْ أَجْلِ الدُّنيا.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (2886).