×
شرح كتاب العبودية

فَإِذا تعلَّق قَلْبُهُ بِها، صَارَ مُسْتَعْبَدًا لَهَا، وَرُبَّمَا صَارَ مُعْتَمِدًا على غَيْرِ الله؛ فَلاَ يَبْقَى مَعَهُ حَقِيقَةُ الْعِبَادَةِ لله، وَلاَ حَقِيقَةُ التَّوَكُّلِ عَلَيْهِ؛ بَلْ فِيهِ شُعْبَةٌ مِن الْعِبَادَة لغير الله، وَشعْبَة من التَّوَكُّل على غير الله،

****

 قوله: «وَرُبَّمَا صَارَ مُعْتَمِدًا عَلَى غَيْرِ اللهِ فَلاَ يَبْقَى مَعَهُ حَقِيقَةُ الْعِبَادَةِ للهِ، وَلاَ حَقِيقَةُ التَّوَكُّلِ عَلَيْهِ»: إذا تَعَلَّقَ قَلْبُهُ بِطَمَعِ الدُّنيا، فإنَّ هذا يَأْخُذُ قَسْمًا من عبادته وَقَلْبِهِ، وَيَكُونُ فيه شِرْكُ إرادة الإنسان بعمله الدُّنيا، كما في الحديث: «تَعِسَ عَبْدُ الدِّرْهَمِ، تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ»؛ فقد سمَّاه عَبْدًا للمَالِ؛ حَيْثُ أَشْرَكَ في العبوديَّة.

فَحُبُّ الدُّنيا وَطَلَبُهَا والتَّعَلُّقُ بها والانْشِغَالُ بها عن عِبَادَةِ الله عز وجل هو ما أَوْقَعَ كَثِيرًا من النَّاس في الخَلَلِ في دِينِهِم؛ فالمُسْلِمُ يَعْبُدُ اللهَ، وَيَطْلُبُ المَالَ الحَلالَ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿فَٱبۡتَغُواْ عِندَ ٱللَّهِ ٱلرِّزۡقَ وَٱعۡبُدُوهُ [العنكبوت: 17]، وَقَالَ: ﴿فَإِذَا قُضِيَتِ ٱلصَّلَوٰةُ فَٱنتَشِرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَٱبۡتَغُواْ مِن فَضۡلِ ٱللَّهِ [الجمعة: 10]، وَقَالَ: ﴿لَّا تُلۡهِيهِمۡ تِجَٰرَةٞ وَلَا بَيۡعٌ عَن ذِكۡرِ ٱللَّه [النور: 37]، وَقَالَ: ﴿لَا تُلۡهِكُمۡ أَمۡوَٰلُكُمۡ وَلَآ أَوۡلَٰدُكُمۡ عَن ذِكۡرِ ٱللَّهِۚ [المنافقون: 9]؛ فلا يَطْغَى طلب المال على الصَّلاة في المساجد في وقتها.

بل ربَّما ينشغل عن عبادة الله كما قال تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تُلۡهِكُمۡ أَمۡوَٰلُكُمۡ وَلَآ أَوۡلَٰدُكُمۡ عَن ذِكۡرِ ٱللَّهِۚ وَمَن يَفۡعَلۡ ذَٰلِكَ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡخَٰسِرُونَ [المنافقون: 9]، وقال في مدح المؤمنين: ﴿رِجَالٌ لَّا تُلۡهِيهِمۡ تِجَٰرَةٞ وَلَا بَيۡعٌ عَن ذِكۡرِ ٱللَّهِ وَإِقَامِ ٱلصَّلَوٰةِ وَإِيتَآءِ ٱلزَّكَوٰةِ يَخَافُونَ يَوۡمٗا تَتَقَلَّبُ فِيهِ ٱلۡقُلُوبُ وَٱلۡأَبۡصَٰرُ [النور: 37].


الشرح