وَهَذَا من أَحَقِّ النَّاسِ بقوله صلى الله عليه
وسلم: «تَعِسَ عَبْدُ الدِّرْهَمِ، تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ؛ تَعِسَ عَبْدُ
القَطِيفَةِ، تَعِسَ عَبْدُ الخَمِيصَةِ» ([1]). وَهَذَا هُوَ
عَبْدُ هَذِهِ الأُْمُورِ؛ فلَو طَلَبَهَا مِنَ اللهِ، فَإِنَّ اللهَ إِذا أعطَاهُ
إِيَّاها، رَضِيَ، وَإِنْ مَنعه إِيَّاهَا، سَخِطَ،
****
فالعِبَادَةُ
لله والتَّوَكُّلُ عليه أَمْرٌ مطلوب؛ فَمَنْ أَدْخَلَ مع عبادة الله حُبَّ
الدُّنيا والتَّعلُّق بها، لم يُخْلِصِ العِبَادَةَ لله، وَهَذَا نَوْعٌ من
الشِّرْكِ في العبادة؛ لأنَّه لم يَبْقَ معه حَقِيقَةُ التَّوَكُّلِ على الله.
قوله صلى الله عليه وسلم: «تَعِسَ عَبْدُ الدِّرْهَمِ، تَعِسَ عَبْدُ
الدِّينَارِ؛ تَعِسَ عَبْدُ الْقَطِيفَةِ؛ تَعِسَ عَبْدُ الخمِيصَةِ». في هذا
الحديث سمَّى النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم الَّذي يطلب هذه الأشياء ويتعلَّق بها
إذا كان يَرْضَى عند حصولها وَيَسْخَطُ عند عَدَمِ حصولها عَبْدًا لها؛ قَالَ: «إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ، وَإِنْ مُنِعَ سَخِطَ»؛
فهو في الحقيقة يَعْبُدُ هذا المال، والدَّليل على ذلك أنَّه إن أُعْطِيَ رَضِيَ،
وإن لم يُعْطَ سَخِطَ؛ لا أنَّه لو أُعْطِيَ حَمِدَ اللهَ وَشَكَرَهُ، وإن لم
يُعْطَ رَضِيَ بذلك، وَعَلِمَ أنَّ اللهَ جل وعلا لم يُقَدِّرْ له ذلك.
·
الفرق بين
ولي الله وغيره:
قوله: «وَهَذَا هُوَ عَبْدُ هَذِهِ الأُْمُورِ؛ فَلَوْ طَلَبَهَا مِنْ اللهِ، فَإِنَّ اللهَ إِذَا أَعْطَاهُ إِيَّاهَا رَضِيَ؛ وَإِذَا مَنَعَهُ إِيَّاهَا سَخِطَ»: هذه العلامة على عبوديَّته للدُّنيا؛ أنَّه يعلِّق رضاه وَسَخَطَهُ بحصولها، أو عَدَمِ حصولها.