وَقَالَ القائل:
أَطَعْتُ
مَطَامِعِي فَاسْتَعْبَدَتْنِي **** وَلَو أَنِّي
قَنَعْتُ لَكُنْتُ حُرًّا
وَيُقَال:
الطَّمَعُ غُلٌّ فِي الْعُنُقِ، قَيْدٌ فِي الرِّجْلِ، فَإِذا زَالَ الغُلُّ من
الْعُنُق؛ زَالَ الْقَيْدُ من الرِّجل. وَيُرْوَى عَن عمر بن الْخطَّاب أَنَّه
قَالَ: «الطَّمَعُ فَقْرٌ،
****
قوله:
أَطَعْتُ مَطَامِعِي فَاسْتَعْبَدَتْنِي **** وَلَوْ
أَنِّي قَنَعْتُ لَكُنْت حُرًّا
فالطَّمع يُسَيْطِرُ على الإنسان، وَيُرِيدُ
أَنْ يَكُونَ عَبْدًا له؛ يَأْتَمِرُ بِأَمْرِهِ، وَيَنْتَهِي عن نَهْيِهِ؛ فَلَوْ
قَنَعَ، لَصَارَ حُرًّا، ولكنَّه لمَّا طَمِعَ، صَارَ عَبْدًا وَرَقِيقًا لِمَا
يَطْمَعُ به.
قَوْلُهُ:
«وَيُقَالُ: الطَّمَعُ غُلٌّ فِي
العُنُقِ، قَيْدٌ في الرِّجل»: فالطَّمَعُ يَغُلُّ يَدَكَ، وَيُقَيِّدُ
رِجْلَكَ؛ فلا تَسْتَطِيعَ التَّصرُّفَ؛ بمعنى أنَّك تَكُونُ أَسِيرًا
لِمَطَامِعِكَ.
قوله:
«فإذا زَالَ الغُلُّ مِنَ العُنُقِ، زَالَ
القَيْدُ مِنَ الرِّجْلِ»: لأنَّ أَصْلَ الغُلِّ في العُنُقِ، فإذا زَالَ،
زَالَ القَيْدُ من الرِّجل، فإذا زَالَ الطَّمع، زَالَ الرِّقُّ للمخلوقين.
ولهذا قال عمر: «الطَّمَعُ فَقْرٌ»: فلو حَازَ الدُّنْيَا كلَّها، فإنَّه يَظَلُّ يُرِيدُ الزِّيادة، وفي الصَّحيح: «لَوْ أَنَّ لابْنِ آَدَمَ وَادِيًا مِنْ ذَهَبٍ، أَحَبَّ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَادِيَانِ، وَلَنْ يَمْلأَ فَاهُ إِلاَّ التُّرَابَ، وَيَتُوبُ اللهُ عَلَى مَنْ تَابَ» ([1]).
([1]) أخرجه: البخاري رقم (6439).