وَفِي الصَّحِيحِ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ
قَالَ له: يَا رَسُولَ الله واللهِ لأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كلِّ شَيْءٍ
إِلاَّ مِنْ نَفْسِي. فَقَالَ: «لاَ يَا عُمَرُ، حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْكَ
مِنْ نَفْسِكَ». فَقَالَ: فوَاللَّهِ لأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي.
فَقَالَ: «الآْنَ يَا عُمَرُ» ([1]).
فَحَقِيقَةُ
الْمَحبَّةِ لاَ تَتِمُّ إِلاَّ بِمُوَالاةِ المَحْبُوبِ، وَهُوَ مُوَافَقَتُهُ
فِي حُبِّ مَا يُحِبُّ، وَبُغْضِ مَا يُبْغِضُ، وَاللهُ يُحِبُّ الإِْيمَانَ
وَالتَّقْوَى، وَيُبْغِضُ الْكُفْرَ والفُسُوقَ والعِصْيَانَ.
وَمَعْلُومٌ أَنَّ
الْحُبَّ يُحَرِّكُ إِرَادَةَ الْقَلْبِ؛ فَكُلَّمَا قَوِيَتِ الْمَحبَّةُ فِي
الْقَلْبِ، طَلَبَ الْقَلْبُ فِعْلَ المَحْبُوبَات. فَإِذا كَانَتِ الْمحبَّةُ
تَامَّةً، اسْتَلْزَمَتْ إِرَادَةً جَازِمَةً فِي حُصُولِ المَحْبُوبَاتِ. فَإِذا
كَانَ العَبْدُ قَادِرًا عَلَيْهَا، حَصَّلَهَا،
****
قوله: «وفِي الصَّحيح أنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ قَالَ له: يا رَسُولَ اللهِ،
واللهِ لأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إلاَّ من نفسي، فقال: «لا يَا
عُمَرُ، حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ». فقال: فَوَاللهِ لأَنْتَ
أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي. فقال: «الآَنَ
يَا عُمَرُ»».
فلا يُؤْمِنُ العَبْدُ حتَّى يَكُونَ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم أَحَبَّ إِلَيْهِ من نَفْسِهِ، وَمِنْ وَلَدِهِ، وَمِنْ وَالِدِهِ، والنَّاسِ أَجْمَعِينَ، وَلِذَلِكَ تَجِدُ المُؤْمِنِينَ يَبْذُلُونَ أنفسهم في سبيل الله؛ يُقَاتِلُونَ، وَيُقْتَلُونَ؛ لأنَّ محبَّة الله أَغْلَى عَلَيْهِم من محبَّتهم لأنفسهم، وَنُصْرَةَ الرَّسول صلى الله عليه وسلم أَغْلَى عَلَيْهِم من محبَّتهم لأنفسهم.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (6632).