×
شرح كتاب العبودية

كَمَا يَفْعَله المتهورون فِي طلب المَال والرِّئَاسَة والصور في حب أُمُور توجب لَهُم ضَرَرًا، وَلاَ تحصل لَهُم مَطْلُوبًا، وَإِنَّمَا المَقْصُود الطُّرق التِي يسلكُها العقلُ لحُصُول مَطْلُوبه، إِذا تبين هَذَا، فَكلما ازْدَادَ القلبُ حبًّا لله ازْدَادَ لَهُ عبودية، وَكلما ازْدَادَ لَهُ عبودية ازْدَادَ لَهُ حبًّا وحرية عما سواهُ.

وَالقلب فَقير بِالذَّاتِ إِلَى الله من «وَجْهَيْن»: من جِهَة العِبَادَة وَهِي العلَّة الغائية. وَمن جِهَة الاِسْتِعَانَة والتوكل، وَهِي العلَّة الفاعلية،

****

 «كما يَفْعلُهُ المُتهوِّرُون فِي طَلب المالِ والرِّئَاسةِ والصُّوَرِ»: والذينَ يُحبون المَال والصُّورَ الجَميلةِ مِن النِّسَاء يَبذُلون فِي سَبيل مَحبوبِهم كُلَّ مَا يَستَطِيعونَ.

فالمُبتَدِعةُ يزعُمُون أنَّهُم يُحبُّونَ اللهَ، ولكنَّهمْ يَتَقرَّبونَ إليْهِ بمَا يَكرَهُ، وَما لَم يُشرِّعْهُ مِن البِدَع، فَالله جل وعلا شَرَعَ شَرِيعَةً، والذِي يُحبُ اللهَ يتَمسَّك بِهذهِ الشَّريعَةِ وَيتقَرَّبُ إِليهِ بِما شَرَعَهُ، وَأمَّا إِذا ادَّعى أنَّه يُحبُّ اللهَ وَلكنْ لاَ يَعملُ بِشرعِهِ وإنَّمَا يعْمَل بالبِدَعِ والمُحدَثَاتِ؛ فَهَذا لا يَنفَعُهُ عَملُهُ، بَل يُبعِدُهُ عَن اللهِ عز وجل، وَيُعَذَّبُ بِذلكَ، وَهُو تَعَبٌ عَليهِ بِمَا يَضرُّهُ.

·       النَّتِيجةُ مِمَّا سبَقَ ذِكرُه:

أنَّه: «إِذَا تبَيَّن هَذَا. فَكُلما ازْدَادَ القَلبُ حُبًا للهِ ازْدَادَ لَهُ عُبودِيَّةً، وَكلمَا ازْدَاد لَهُ عبُوديَّةً ازْدَاد لَهُ حبًا وَحُرِّيَّةً عَمَّا سِوَاه»: فَالمحبَّةُ لِلهِ تُحَرِّك لِلعَمَلِ، وَكذلِكَ المحَبَّة لِغَيرِه تُحرِّك عَلَى العَمَل لِغَيرِ اللهِ عز وجل، فَالمحبَّةُ لِلشَّيءِ هِي البَاعِث عَلى تَحَمُّل المَشَقَّة فِي تَحصيلِه.


الشرح