×
شرح كتاب العبودية

وَهَذَا لاَ يحصل لَهُ إِلاَّ بإعانة الله لَهُ، لاَ يقدر على تَحْصِيل ذَلِك لَهُ إِلاَّ الله، فَهُوَ دَائِمًا مفتقر إِلَى حَقِيقَة ﴿إِيَّاكَ نَعۡبُدُ وَإِيَّاكَ نَسۡتَعِينُ [الفاتحة: 5]، فَإِنَّهُ لَو أعين على حُصُول مَا يُحِبهُ ويطلبه ويشتهيه ويريدُه، وَلم يحصل لَهُ عبَادَته لله بِحَيْثُ يكون هُوَ غَايَة مُرَاده وَنِهَايَة مَقْصُوده وَهُوَ المحبوب لَهُ بِالقَصْدِ الأول،

****

قَولُه: «إِذْ فِيه فَقرٌ ذَاتِي ٌّإِلى رَبِّه، وَمِن حَيثُ هُوَ معبُودُه وَمحبُوبُهُ وَمطلُوبُه»: وَلذَلكَ تَجدُ المُؤمِنَ مُطمَئنًّا مُنْشرِحَ الصَّدرِ عَلى أَيَّة حَالٍ كَان؛ لأِنَّه مُتعَلِّقٌ بِاللهِ سبحانه وتعالى، وَتَجدُ غَيرَ المُؤمِنِ فِي قَلقٍ وَفي هَمٍّ وَفي خَوفٍ.

فَتَجدُ الكُفَّارَ وَإِن كَانوا أُعطُوا مِن الدُّنيَا وَزَهرتِهَا إِلاَّ أَنهُمْ فِي هَمٍّ، وَفِي قَلقٍ وَفي خَوفٍ وَلا يَرتَاحُون وَلا يَتلَذَّذُون بِما فِي أَيدِيهِم مِن مَتَاع الدُّنْيا؛ لأَنَّهم حُرِمُوا مِن عِبادَةِ اللهِ وَمعرفَةِ اللهِ سبحانه وتعالى.

الوَجهُ الثَّانِي: أَنَّه «دَائمًا مُفتقِرٌ إِلى حَقِيقَةِ: ﴿إِيَّاكَ نَعۡبُدُ وَإِيَّاكَ نَسۡتَعِينُ [الفاتحة: 5] »: فَالعِبادَة هِي الغَايةُ، وَالاستِعَانةُ هِي الوَسيلَةُ وَالمُوَصِّلَة إِلى العِبَادَة، فَلَو لَمْ يُعِنْكَ اللهُ لَم تَستطِعْ أَن تَعبُدَه؛ وَلِهذَا مِن أَفضَلِ الذِّكر: لاَ حَولَ وَلا قُوَّة إِلا بِاللهِ.

قَولُه: «فإِنَّه لَو أُعِينَ عَلى حُصولِ مَا يُحبُّهُ وَيطلُبُه وَيشتَهِيهِ وَيُريدُه، وَلمْ يَحصُل لَهُ عِبَادَتُهُ لِلهِ؛ بِحيثُ يَكونُ هُوَ غَايةُ مُرادِهِ وَنِهايَةُ مَقصودِهِ، وَهوَ المَحبوبُ لَه بِالقَصدِ الأَوَّلِ»: فَمتَى لَم يَحصُلْ لَه هَذَا لَم يَكنْ قَد حَقَّق لاَ إِلَه إِلا اللهُ، الإِعَانة مِن اللهِ إِذَا كَانَت عَلى أُمورِ الدُّنيَا وَمَطَامعِهَا فَإنَّها لاَ تُغنِي عَنِ العَبدِ شَيئًا، أَمَّا إِذَا كَانتِ الإِعانَةُ لِلعبْدِ مِن


الشرح